يفرد صقر السافانا جناحيه ليبدأ التحليق في سماء حديقة ماناكاسياس الوطنية المُنشأةُ حديثاً في حوض نهر ميتا الذي يمثل منطقة إدارية تحمل الاسم ذاته في وسط كولومبيا. وتعد ميتا امتداداً طبيعياً لسهول يانوس، ومعناها بالإسبانية «إقليم الحشائش المدارية»، الواقعة بين مرتفعات الأنديز وهضاب غايانا في فنزويلا المجاورة. وتمتد منطقة يانوس على مساحة تزيد عن 200 ألف ميل مربع عبر كل من كولومبيا وفنزويلا. وفيها تهب الرياح الساخنة فوق التلال العشبية، حيث يطل نخيلُ واحات موريشيوس المتناثرة وتتمدد الجداول والبحيرات في أسفل السهل. وما فتئ مربو الماشية ومواشيهم يتقاسمون هذا المشهد الطبيعي الذي شكلته الأنهار والوديان والهضاب والسهول، في تعايش هادئ وسلس وقائم على التكامل، حيث تعلّم الناسُ على مر القرون أن يتساكنوا مع النمور والفهود والأناكوندا والثعابين الضخمة والتماسيح.
وفي الآونة الأخيرة أعلنت كولومبيا عن إنشاء حديقة وطنية جديدة في حيز من منطقة يانوس المتاخمة لنهر ماناكاسياس الذي يلتحم بنهر ميتا الأكبر، ثم نهر أورينوكو الذي يشكل جزءاً من الحدود الطبيعية مع فنزويلا قبل أن يغذي أحد روافد نهر الأمازون.
وتبلغ مساحة الحديقة الجديدة 263 ميلاً مربعاً، وإن كانت ليست الأكبر من نوعها في كولومبيا، لكن تمت إقامتها من منظور بيئي بغية الحفاظ على بعض الأنواع الحيوانية، لذا فهي مشروع استراتيجي شديد الأهمية لما تمثله من حلقة وصل ضرورية بين مخلوقات فضاء السافانا الاستوائي الشاسع ومنطقة الأمازون التي تعد أكبر غابة مطيرة في العالم. كما يأتي إنشاء الحديقة، تثميناً لثقافة كولومبيا وتقاليدها العريقة في مجال الاهتمام بالماشية وتربية الطيور والعناية بالأرض، وكل المخلوقات الأخرى في الوسط الطبيعي. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)