الحضور الإعلامي الإماراتي في الحرب من أجل استعادة الشرعية في اليمن، لا يقل أهمية عن الدور العسكري، وفيه تحملت ولا تزال «أبوظبي للإعلام»، ممثلة في جريدة الاتحاد، وتلفزيون أبوظبي، العبء الأكبر في هذه المهمة، وقد أفردت قناة أبوظبي برنامجاً خاصاً، حمل عنوان «عين على اليمن»، يتناول الأحداث اليومية على مدار خمسة أيام في الأسبوع، ثم اتْبِعَتْه خلال الشهور الثلاثة الماضية ببرنامج «اليمن في أسبوع» يعتمد التحليل منهجاً من أجل توسيع دائرة المشاهدة والفهم، غير أن البرنامج الأخير بقي مرهوناً بمشاركة يمنية خاصة وخالصة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن«أهل مكة أدرى بشعابها»، وهي المقولة التي لم تعد ذات جدوى في عصرنا، ليس فقط لسيطرة تدفق المعلومات، بما فيها تلك الخاصة بتحديد الأماكن على الخرائط، على مسار حركة البشر، ولكن لأمر أهم، وهو أن أي شأن داخلي مهما كانت سريته أو بعده الزماني والمكاني، هو اليوم مكشوف بالصوت والصورة لكل سكان العالم.
وانطلاقاً من ضرورة الإسهام التحليلي والاهتمام القومي، وسَّع مُعِدُّو برنامج «عين على اليمن» مع بداية السنة الجديدة (2019)، من دائرة الحوار والنقاش لجهة إشراك مفكرين ومحللين عرب في تناول الشأن اليمني، وهذا العمل يتجاوز اللفتة الطيبة إلى توظيف المقدرات الفكرية والإعلامية للتعاطي مع قضايا الأمة. وعلى خلفيَّة هذا وغيره دار النقاش في البرنامج، حيث طرح مُقَدِّمُهُ الإعلامي «ياسر فيصل عبد الله» جملة من القضايا، منها: موقع اليمن في الذاكرة السياسية العربية تاريخياً، وقراءة المفكرين العرب ورؤيتهم لما يحدث في اليمن، وتوقعاتهم لمستقبله على مرجعية ما جرى في السويد، والمخاطر المحدقة باليمن وبالدول العربية الأخرى نتيجة لما يقوم به تيار الإسلام السياسي من زعزعة لاستقرار الدولة الوطنية، ومستقبل هذه الأخيرة في ظل التطورات الراهنة،، ومنها: انهيار الجبهات الداخلية، والتدخل الخارجي العسكري والسياسي والدبلوماسي.
شارك في تلك الحلقة الخاصة برؤى المفكرين العرب لما يحدث في اليمن الخبير العسكري العراقي الدكتور مهند العزاوي، والمحلل الاستراتيجي الأردني الدكتور صالح المعايطة، بالإضافة إلى كاتب جزائري، ومن أهم ما طرح فيها، هو مسألة «التدخل المحمود» التي أشار فيها الإعلامي«ياسر عبد الله» إلى أن التدخل في الشأن اليمني ليس جديداً، وهو نتيجة تراكمات تاريخية سلماً وحرباً وهو اليوم أشد وأكبر نتيجة زيادة مساحة صراع القوى الدولية في المنطقة، ولارتباط القوى المحلية بأطراف خارجية، والأكثر من هذا إدخال اليمن في فتنة دائمة من أجل سيادة المشروع الإيراني في المنطقة عبر دعم علني للحوثيين من طهران، ومادام الأمر على هذا النحو، فإنه من الأفضل البحث عن صيغة للتدخل تكون لصالح اليمنيين، وهي «التدخل المحمود»، تكون في مواجهة علنية وصريحة ومدعومة عربياً للوقوف ضد التدخل المذموم، الذي يسعى لإطالة الحرب من أجل تدمير اليمن كلياَّ، واستنزاف المقدرات العربية، وإيجاد أجواء من البغضاء والكراهية بين العرب، وقد يكون بداية التدخل المحمود في الشأن اليمني من الناحية الإعلامية هذا النقاش التلفزيوني، والمنتظر أن يتوسع أكثر، حتى نُهْدِي فيه لأنفسنا عيوبنا السياسية والاقتصادية والعسكرية.
(*) كاتب وصحفي جزائري