قبل عشرة أعوام، سافر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى القاهرة لفتح صفحة حوار جديدة مع مسلمي العالم. ويوم الخميس الماضي، سافر وزير الخارجية الأميركي الحالي «مايك بومبيو» إلى القاهرة لنقض ما كان قد جاء به أوباما.
وبالطبع هناك نقاط صحيحة طرحها «بومبيو»، إذ أن أوباما في فترته الأولى أفرط في التفاؤل بشأن حركات الإسلام السياسي. وفي عام 2009، قبل الاضطرابات السياسية التي أدت إلى تنحي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، دعا أوباما أعضاء في جماعة «الإخوان» الإرهابية لحضور خطابه. وأخطأ أوباما أشد الخطأ في تقييم أفق التعاون مع إيران أثناء رئاسته، وتسرّع في سحب القوات الأميركية من العراق عام 2011.
لكن تحليل الوزير فوت نقطة واحدة ربما هي أن أوباما أدرك متأخراً بعد صعود تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسوريا، أن هناك حاجة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لذا، أعاد القوات إلى العراق وسوريا في 2014 للقيام بما لم يستطع الجيش العراقي القيام به. وعلى رغم من إبرام اتفاق مع إيران، إلا أنه باع أسلحة متطورة لخصومها، وقدم مساندة لقوات التحالف الداعمة للشرعية في اليمن.
ولعل هذا هو ما يفعله أيضاً الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط منذ توليه السلطة. وباستثناء إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وهو استثناء كبير من دون شك، يبدو نهج ترامب في التعاون مع الحلفاء ضد الأعداء المشتركين مع تقليص التواجد العسكري الأميركي استمراراً، وليس تنصّلاً، من السياسة الخارجية لإدارة أوباما الثانية.
ويعني ذلك أن أميركا ستعتمد بدرجة أكبر على حلفائها. ومثلما أوضح «بومبيو»: «نطلب من جميع الدول المحبة للسلام في الشرق الأوسط أن تتحمل المسؤوليات الجديدة عن هزيمة التطرف حيثما وجد».
وقال «بومبيو»: «بينما نسعى إلى شراكة أقوى مع مصر، فإننا نشجع الرئيس السيسي على إطلاق العنان للطاقة الإبداعية للشعب المصري، وتحرير الاقتصاد، وتعزيز تبادل الأفكار الحرة والمنفتحة». ولا ريب في أن قادة الشرق الأوسط يعلمون علم اليقين أن الولايات المتحدة تحتاج إليهم بشدة أيضاً.
كاتب متخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»