العلاقات القوية بين الإمارات والمملكة العربية السعودية تنضوى في حلف استراتيجي مستدام. وعندما عصفت باليمن طامة «الحوثيين» شدّا «المحمدين» العزم لإطلاق ريح صرصر عاتية لرد العدوان عن يمن أصالة العروبة والإيمان والحكمة. وبعد هبوب سَموم «الربيع العربي» المشؤوم، كانت الإمارات والسعودية تقودان سفينة «نوح» لإنقاذ الإنسانية من شرور الإرهاب والتطرف.
اختلطت دماء ضراغم الإمارات بدماء أسود المملكة في أرض «الوغى»، فمن قدم الروح على كفه ليس كمن بخل عن قول الحق في ساعة العسرة!
أهل الغرض دائماً يدقون مسمار الشقاق في وقت أصبح الوفاق أكثر من ضرورة ملحة وفرض أوجب في زمن فيه الفرقة تترقب المجتمعات التي اتخذت من التنمية والنماء طريقاً سالكاً لرفاهية شعوبها. فعلاً هناك شريحة من الطابور الخامس ممن لديهم الاستعداد لبيع الأوطان بثمن بخس دراهم معدودة، وهي آفة فئة من نتاج ذاك «الربيع» الأصفر.
لا يهمها أن تذهب الأوطان أدراج الرياح وتتناثر أشلاؤه باللامكان، في هذا الظرف الطارئ استطاعت الإمارات مع شقيقتها الكبرى استدراك ما كان مخططاً من قبل الأجندات الخفية التي أخرجها «الربيع» من حيث لا يشعرون ولا يحتسبون.
الإمارات والسعودية وحَّدتا المصير ومضتا لبناء منظومة جديدة من العلاقات تتناسب مع تطورات الأوضاع في العالم ككل، فهما تنشدان استمرار الاستقرار في بلديهما وهو مطلب عالمي بعد ما ضرب «الربيع» هذا المفصل في بعض الدول بمقتل.
وقد أكَّد على هذا المعنى الدقيق معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عندما أشار إلى هذا الأمر المهم عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: (الاستقرار مهم لكل دولة ومجتمع، والعالم اليوم يواجه استحقاقات أساسية، أما عدم الاستقرار والذي كنا نحسبه ظاهرة شرق أوسطية فقد امتد ليشمل دول العالم الأول ويضم في خضمه أنظمة عريقة راسخة ومنها باريس ولندن. نحن بحاجة لإعادة التفكير في نظام دولي يتبلور ويتشكل).
وعلى ضوء الاستحقاق الأمني وخاصة في منطقة البحر الأحمر جاءت مبادرة الملك سلمان لإنشاء تحالف مع مصر والكيانات المطلة عليه لوقف التدخلات الإيرانية والعبث بالاستقرار العالمي.
لقد أدرك المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران «برايان هوك» هذه النقطة الحساسة جيداً عندما أكد على دعم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات في الدفاع عن نفسيهما ضد اعتداءات «الحوثيين»، وأكد على النظام الإيراني وقف سلوكه المزعزع للاستقرار في المنطقة أو مواجهة ضغط اقتصادي أكبر وسنواصل العمل مع شركائنا الخليجيين، إيران تنفق المليارات على دعم الموالين لها في المنطقة، ودول عدة حول العالم تتصدى للسلوك الإيراني المزعزع للاستقرار.
وفي ميدان المستقبل مشاريعهما متلازمان ومتزامنان وليس أدل على ذلك مما أعلن عنه مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، عن منح مشروع محطة دومة الجندل «الواقعة في محافظة الجوف شمال السعودية» لطاقة الرياح إلى التحالف الذي تقوده الشركة الفرنسية للكهرباء «EDF Energies Nouvelles» وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر». ويعد هذا المشروع أول محطة لطاقة الرياح في المملكة العربية السعودية، وتبلغ تكلفة المشروع 500 مليون دولار أميركي، وهو قادر على توليد طاقة مستدامة تكفي لحوالي 70 ألف وحدة سكنية، ومن المتوقع أن تسهم في إيجاد 1000 فرصة عمل تقريباً خلال مرحلتي البناء والتشغيل.
فالسعودية دولة واعدة بكل المقاييس التنموية، فهي مع الإمارات تشكلان مستقبل المنطقة فكلاهما سيلتقيان عند خط الوسط في «خليج نيوم» وفضاء الأنجم.