تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنذ أن تأسست على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على تجسيد أبهى الصور وأنقاها في تأصيل قيم وممارسات التعايش والتسامح ونبذ الكراهية والتمييز في كل مكان، مهما اختلفت الشعوب في جنسياتها أو أعراقها أو أديانها، وخاصة أنها تضم على أرضها وبين حناياها نحو 200 جنسية، تعيش بوئام واستقرار، تحت مظلة من التشريعات والقوانين التي لا تفرق بينها.
ولأن دولة الإمارات الحاضنة لالتقاء الحضارات والثقافات والأديان على الدوام، ولأن عام 2019 هو عام «التسامح»، كما أقره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في ديسمبر الماضي، فإن الزيارة الأولى من نوعها لدولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي، التي سيقوم بها البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في فبراير المقبل، تجمعه بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي لبّى دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وليّ عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، تعكس مقدار الثقة بدور دولة الإمارات وأهميتها عالمياً في نشر قيم التآخي والتعايش والسلام، وجدارتها بجمع قطبين دينيين، اختاراها لتكون محطة للقائهما التاريخي، إذ تستضيف أبوظبي في الـ 4 من فبراير لقاء «الأخوة الإنسانية ونشر السلام العالمي».
وكامتداد لمواصلة الجهود في إنجاح زيارة البابا وشيخ الأزهر التاريخية المشتركة لدولة الإمارات، أُطلق يوم الاثنين الماضي، الشعار الرسمي للقاء «الأخوة الإنسانية»، عاكساً هذا الشعار قيم التآخي والمحبة والسلام والتعايش السلمي بين الشعوب، في حضور استثنائي يجمع رمزين دينيين كبيرين على أرض دولة الإمارات، دولة السلام والتعايش، لتنطلق على هامش هذا اللقاء مجموعة من الفعاليات والأنشطة التي تجسد التزام الدولة بتعزيز حوار الأديان، وتؤكد فاعليتها وتأثيرها في إبراز القيم المشتركة بينها، كالتسامح والتعايش السلمي بين البشر كافة.
ومن المتوقع أن يكون إحياء القداس الذي سيقوم به قداسة البابا فرنسيس في مدينة زايد الرياضية في العاشرة والنصف من صباح يوم الخامس من فبراير المقبل، بمشاركة أكثر من 135 ألف شخص من المقيمين في دولة الإمارات ومن خارجها، أحد أكبر التجمعات في تاريخ دولة الإمارات، وأحد أبرز المظاهر المبهجة التي تضفي على قلوب مسيحيي العالم مزيداً من الطمأنينة والسلام، والكثير من مشاعر الثقة بأن دولة الإمارات هي المرتع الأول الذي يحتضن التنوع، ويرعى التعايش والسلم لشعبها وسكانها وزائريها، وهي التي تحتضن 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة.
كما ستشكل زيارة قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، لجامع الشيخ زايد الكبير وضريح المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولقاء أعضاء مجلس حكماء المسلمين، فرصة كبيرة لتعزيز مظاهر الفخر والاعتزاز بدولة الإمارات، التي ما انفكت يوماً عن حماية الأمن والسلم والتنوع لكل القاطنين فيها، على اختلافهم في اللغة أو العرق أو الدين، ليشهد ذلك كلّه على تأصيل قيم الإمارات، قيادة وشعباً في التعايش والتسامح، وذلك في إطار من التشريعات والممارسات والفعاليات التي تعزز من مكانتها كمنصة عالمية للحوار والتضامن الإنساني.
إن حرص دولة الإمارات على عقد «المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية والتعايش السلمي» سيكون فرصة مهمة وفاعلة في تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام عالمياً، حيث سيجمع المؤتمر 700 شخصية دينية بارزة من دول العالم، ويتناول فيه محاور ومنطلقات الأخوة الإنسانية الرئيسية، كترسيخ مفهوم المواطنة وآليات مواجهة العنف والتطرف فكرياً ودينياً، ما يسلط الضوء على مسؤولية الشرق والغرب المشتركة لتحقيق الأخوة، ودور المؤسسات الدينية في تحقيق السلام العالمي، والبحث في التحديات والفرص التي تواجه التعايش السلمي والآليات الأزمة لمواجهة التطرف الديني والصراعات والنزاعات في العالم، ليؤكد ذلك دور دولة الإمارات في تشجيع الاستقرار والازدهار الإقليمي والعالمي.
ـ ـــ ــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.