لم تكن رهف الأولى، ولن تكون الأخيرة، من أمثلة صارخة على عقوق الأبناء والبنات لآبائهم وإدعاءاتهم بسوء المعاملة. ولكن هل الغرب هو الخيار الأمثل؟ هل دول العالم بديل عن الوطن والأسرة والعرف الاجتماعي الذي صار أكثر مرونة وسهولة، واستجابة لمتطلبات الحياة اليومية المتسارعة؟ بالتأكيد لا، هنا غموض في حكاية هذه البنت وهناك طرف يكذب أو لا يعترف بالحقيقة.
من هو المخطئ حقاً؟! هل هو والد يخاف على ابنته ويحب لها أن تعتز بقيمها وتقاليدها؟ بالطبع لا. المشكلة في «رهف» حين رفضت الانتماء لأسرتها وصدقت أضواء الآخر ونداءاته المضادة لقيم الأسرة وبر الوالدين وحشمة وعفة الفتاة.
الخطأ ارتكبته أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي التي بالغت وتشعبت في بث أفكار التحرر من قيود الأسرة والدين والمجتمع. كل الأسئلة مفتوحة وكلها جروح ملأى بالقبح، رهف ليست ظاهرة بقدر ما هي فرصة لدراسة جادة لأسباب هذا السلوك، وما هو سبب هذا الفكر الذي بدا مبهوراً بالغرب وأصبح محتقراً لموروثة الفكري والثقافي.
نحن جميعاً مطالبون بالتساؤل والبحث عن إجابات مقنعة وحقيقية حتى لا نقف موقف لا نعرف فيه كيف فعل بنا الأبناء هذا، وكيف قرروا أن يقطعوا كل أواصر الحب والذكريات والدفء العائلي، الذي لا يزال مجتمعنا المسلم يتمتع به.
ومن الظلم أن نُلقي باللائمة على الوالد الذي لا نعرف حقيقة ظروفه ولا حقيقة قصته مع ابنته. الطفلة رهف حسبت أن الحرية في الغرب بلا ثمن، وأن احتساء الخمر هو أهم عنصر في الحرية.
رهف ينقصها استيعاب الكثير من المفاهيم كما ينقصها رؤية شاملة لحقيقة الوضع الذي ستجد نفسها فيه بعد سنوات من اليوم.