تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر سياساتها واستراتيجياتها الخاصة بتنمية وتمكين كبار المواطنين، على مرتكزات تستند إلى تفعيل جوانب الحياة النشطة لهذه الشريحة المهمة في المجتمع، والإحاطة بالعادات الأصيلة والمتجذرة في نفوس أبناء وبنات المجتمع الإماراتي، الذين توارثوها جيلاً بعد جيل، وتستمد هذه العادات قوتها من ثقة القيادة الرشيدة وأبناء الوطن بأن الإنسان هو الأساس الصلب للبنيان ومحور رئيس من محاور التنمية، التي لا ترتهن لعمر الإنسان، إنما لاعتماد أسلوب حياة يهتم بسلامة وحقوق المواطنين، خاصة فئة كبار المواطنين، تحت مظلة الرعاية الاجتماعية، التي تتضمن توفير الخدمات الصحية والسكنية، وخدمات النقل والبنية التحتية وكل ما يؤطر لتعزيز الأمن والسلامة والرفاه.
وشكّل اعتماد مجلس الوزراء للقانون الاتحادي لرعاية كبار المواطنين مؤخراً، خطوة جديدة تعكس اهتمام دولة الإمارات بهذه الشريحة المجتمعية، حيث يضمن القانون حقوقهم الصحية والعلاجية والتأهيلية والخدماتية التي توفرها الدولة لهم، خاصة أنه جاء بعد إطلاق «السياسة الوطنية لكبار المواطنين»، التي تضمنت أربعة أهداف استراتيجية، وسبعة محاور رئيسة، و26 مبادرة ومشروعاً مبتكراً، بدأت وزارة تنمية المجتمع تنفيذها بالشراكة مع مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة، بما يضمن توفير متطلبات العيش الكريم لكبار المواطنين، ويعزز من نجاح السياسة الوطنية بشأنهم على أرض الواقع.
لقد انعكست توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تأمين الحياة الكريمة لجميع فئات المجتمع في الدولة، وصولاً لتحقيق أهداف «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071» على اعتماد مجموعة من المبادرات، كمشروع «قاعدة بيانات كبار المواطنين»، وحملة «وقاية» وبرنامج «حماية»، وبرنامج التقاعد، ومشروع «سكون» للرعاية الخاصة، وخدمات الرعاية النهارية، و«فزعة» للحماية والتواصل والزيارات المنزلية، علاوة على مبادرة المواصلات المجتمعية، وبرنامج التبادل الثقافي «لقاء»، وبرنامج «خبرة» لاستقطاب أصحاب الخبرة والعطاء، ومبادرة «صحتي»، والتأمين الصحي، والرعاية المنزلية «الوحدة المتنقلة»، وبرنامج «حماية مالي»، وإدراج مساقات دراسية في أمراض الشيخوخة، وتدريب مقدمي الرعاية الصحية، والعديد من البرامج والمبادرات، إلى أن وصلت النتائج أخيراً إلى إقرار القانون الاتحادي لرعاية كبار المواطنين.
إن سياسة دولة الإمارات واستراتيجياتها الرامية إلى حماية وتأمين حقوق كبار المواطنين، في شتى المجالات والقطاعات، جاءت انطلاقاً من ضرورة العناية بكبار المواطنين واحتياجاتهم، وتجسدت من خلال تقديم مجموعة من الخدمات، خاصة أن هناك أكثر من 15 ألف فرد من كبار المواطنين مسجلون في قاعدة الضمان الاجتماعي، التابعة لوزارة تنمية المجتمع، ويحظون بخدمات تستهدف راحتهم وسعادتهم ورفاههم، حيث أطلقت الوزارة العديد من المبادرات، مثل بطاقة «مسرة»، التي تقدم أكثر من 11 خدمة، تتيح لأكثر من 15 ألف شخص ممن تجاوزوا الستين عاماً، تمكنهم من الاستفادة من باقة متنوعة من التسهيلات، كالخصومات والإعفاءات والخدمات المجانية، والاستشارات والرعاية المنزلية، ومواقف خاصة للسيارات، وغيرها. كما تقدم الوزارة لكبار المواطنين خدمات متميزة، تتضمن الإيواء في دور الرعاية، والبرامج الاجتماعية والصحية والنفسية والعلاجية والترفيهية.
إن قرار حكومة دولة الإمارات، ووفقاً للسياسة الوطنية لكبار المواطنين، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تغيير تسمية «كبار السن» إلى «كبار المواطنين»، يؤكد النظرة الاعتبارية لهذه الشريحة من المجتمع، بوصفها شريكاً فاعلاً في عملية النمو والتنمية، وفي مسيرة النهضة والتطور الحاصلة في دولة الإمارات، الأمر الذي سيرتقي بجودة حياتهم، ويضمن لهم البقاء ضمن النسيج المجتمعي المؤثر، وذلك رداً لكل ما بذلوه وقدموه خدمة للوطن والمواطنين، من خلال تقديم وسائل الدعم كافة التي تمكّنهم من العيش في مساكن آمنة ومستقرة، وتأمين أوجه الرعاية الاجتماعية والثقافية والنفسية والتعليمية والصحية والترفيهية لهم، بما يساعدهم على التكيف الاجتماعي، ويوثق صلتهم بالبيئة الخارجية، ويدمجهم في الحياة الاجتماعية العامة، ويقيهم أمراض الشيخوخة والعجز وإصابات العمل، ويوفر لهم الدخل والحماية والوقاية من الفقر.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية