من المهم بحث التداعيات والتأثيرات على الساحة السياسية والانتخابات الإسرائيلية والتي ترتبت وستترتب على قرار المستشار القضائي للحكومة افيحاي مندلبيت بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في ثلاث شبهات جنائية تقع تحت تصنيف قبول الرشاوى وخيانة أمانة المنصب.
أول هذه التداعيات تمثل في استماتة نتنياهو في الدفاع عن نفسه والتعبير عن خيبة أمله من المستشار القضائي للحكومة، والذي كان مقرباً منه، لخضوعه لحملة الترهيب التي شنها ضده الإعلام اليساري وإعلان لائحة الاتهامات قبل الانتخابات بفترة قليلة، مما يؤثر على الناخبين. لقد صمم نتنياهو في بيان ألقاه خصيصاً على أنه بريء وأن هذه التهم التي تبحثها الشرطة منذ ثلاث سنوات هي حملة مطاردة ظالمة ضده تقودها عناصر يسارية في الشرطة والنيابة والإعلام، في محاولة لإسقاط حكومة اليمين تحت قيادته وتمكين الجنرال جانتس رئيس الأركان السابق من تشكيل حكومة يسارية. كذلك أكدت أحزاب اليمين والمتدينين تمسكها به كرئيس للوزراء المقبل.
هنا أكد رجال قانون أن نتنياهو من حقه البقاء في منصبه خصوصاً أن المستشار القانوني منحه حق المثول في جلسة استماع أمام المحققين لإثبات براءته وأنه إذا تمكن من ذلك فإن التهم ستحفظ ولن تحول إلى المحكمة، أما إذا حولت التهم للمحكمة فإنه سيظل في نظر القانون بريئاً إلى أن تنتهي المحكمة والاستئناف.
وتَمثّل ثاني التداعيات في موقف عكسي تجاه المستشار القضائي للحكومة، فقد شن عليه هجوما من جانب الجنرال إيهود باراك رئيس الوزراء وزعيم حزب العمل الأسبق، والذي قال إنه لوكان المستشار القضائي شخصاً آخر غير مندلبيت المقرب من نتنياهو، لتضاعف عدد التهم ولجاء قرار الاتهام حاسماً ضد نتنياهو. وقد رفض المدعي العام منطقي نتنياهو وبارك، وأكد أنه يعمل مع مندلبيت بمعايير قانونية لا علاقة لها بالسياسة أو الانتخابات.
أما ثالث التداعيات فجاء من جانب مسؤولين من كبار الضباط الذين عبروا عن خشيتهم من أن يقرر نتنياهو استخدام منصبه الإضافي كوزير للدفاع في إشعال حرب في سوريا أو لبنان أو غزة، كجزء من حملته لتبرئة نفسه وطمس الاتهامات وصرف الأنظار عنها.
أما رابع التداعيات فتمثل في إلحاح على ضرورة استقالة نتنياهو، حتى لا يخلط بين الدفاع عن نفسه ومسؤوليات الحكم. وجاء هذا الإلحاح من جانب زعماء كتلة الوسط التي يقودها الجنرال جانتس زعيم قائمة «أزرق وأبيض» وشريكه يائير لابيد وزعيم حزب العمل أفي جاباى.
أما خامس التداعيات وأهمها فحملته استطلاعات الرأي التي أجريت بعد إعلان قرار الاتهام والتي كشفت عن تطورين سلبيين بالنسبة لنتنياهو: الأول أن قائمة الوسط بقيادة الجنرال جانتس أصبحت متقدمة على ليكود بفارق سبعة مقاعد، حيث حصلت في استطلاع على 37 مقعداً مقابل 30 لليكود، بينما حصلت في استطلاع آخر على 36 مقعداً مقابل 29 لليكود. أهمية هذا التطور أنه إذا جاءت نتائج الانتخابات الفعلية على هذا النحول فإن الرئيس الإسرائيلي سيكلف جانتس وليس نتنياهو بتشكيل الحكومة.
أما التطور الثاني والذي لا يقل أهمية فهو أن معسكر أحزاب الوسط واليسار والعرب مجتمعة، قد فاز لأول مرة في الاستطلاعات بأغلبية مقاعد الكنيست حيث حصل على 61 مقعداً مقابل 59 لمعسكر اليمين وحلفائه المتدينين.
وهذا يعني أن جانتس يمكنه تشكيل حكومة لديها الأغلبية في الكنيست. فهل يتحقق هذا في الانتخابات الفعلية، سننتظر لنرى.