مما يلفت النظر في الآونة الأخيرة ورود أربعة أخبار نقلتها وسائل الإعلام كالآتي: الأول: قول الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر لوسائل الإعلام الإسرائيلية إنه لا يرى إمكانية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وإن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو -وبصراحة- «لا يريد السلام»، ثم قوله في نفس المقابلة، إن صهر الرئيس الأميركي الحالي، جاريد كوشنر، التقاه لأخذ رأيه حول سبل تحريك عملية السلام، وإنه أرشده بوضوح إلى الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى ذلك الهدف، كما أوضح له استحالة تحريك العملية دون تقديم شيء للفلسطينيين وأخذ العالم العربي بعين الاعتبار. لكن كوشنر للأسف الشديد، حسب قول كارتر، لم يأخذ بتلك النصحية.
الثاني: هو التقارير الصحفية الغربية التي كشفت عن أن إسرائيل تسعى إلى تطويق العالم العربي وتهديد أمنه القومي عن طريق السيطرة على المنافذ الجنوبية للبحر الأحمر، ونزع الصفة العربية عن الممرات والمضايق البحرية هناك، وضمان تفوقها (أي إسرائيل) العسكري والاستراتيجي المطلق عبر التحكم في النقاط الاستراتيجية الهامة التي تحيط بالعالم العربي لجعل دوله تحت رحمة التهديد بالحصار والعدوان، وتوظيف النفوذ الذي أصبحت تحظى به تل آبيب في القارة السمراء لصالح التكامل مع الخطط الأميركية في القارة.
الثالث: إدانةُ الأمم المتحدة إسرائيلَ لارتكابها جرائمَ حربٍ، حيث قال خبراء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «إن جنوداً إسرائيليين تورطوا في جرائم حرب» إبان تعاملهم مع مظاهرات الفلسطينيين على الخط الفاصل مع قطاع غزة. وقد وجدت اللجنة الأممية أسباباً وجيهة للقول بأن قنّاصة إسرائيليين أطلقوا الرصاص الحي على أطفال ومسنين وصحفيين فلسطينيين، على الرغم من ارتدائهم ما يميزهم بوضوح. وهذا القرار هو من جملة 40 قراراً أصدرتها الأمم المتحدة على مدى السنين والعقود الماضية، تدين فيها إسرائيل وتطالبها بالتوقف عن اعتداءاتها المنافية للقانون الدولي الإنساني، لكن الدولة العبرية لم تأبه لأي من تلك القرارات، وهي التي طالما ادعت أنها دولة ديمقراطية.
الرابع: هو قول الكاتب العراقي سعد ناجي جواد إنه في ذروة الحرب العراقية الإيرانية زار الرئيس الراحل صدام حسين إحدى مدارس بغداد المتوسطة للبنين، وأثناء تفقده أحد الصفوف سأل الطلاب: «من هو العدو الأول للعراق؟»، فهب كل الطلبة برد واحد: «إيران.. إيران».
هذه الأخبار تكشف لنا بوضوح أن ثمة تعالقاً قديماً جديداً بين إسرائيل وإيران، وأنه كما دست الأخيرة يدها في عدة مناطق عربية محدِثةً الفوضى والاضطراب، فإن الأولى كانت وما تزال في كثير من الحالات سببَ الفتنة والاضطراب في المنطقة، وقد سعت لإشعال الحالة المضطربة في العمق العربي، حيث عملت على الدوام من أجل تجنيد أدواتها السياسية والإعلامية والاستخباراتية لتحقيق أمرين: المحافظة على استمرار حالة الفوضى والاضطراب في المنطقة، وإحداث المزيد من الاضطراب والتخريب وتأليب الدول والجماعات والطوائف والأعراق بعضها ضد بعض لتوسيع دائرة الفتنة في المنطقة. وكل ذلك في إطار من التصميم الواضح على إنجاح سياسة «فرق تسد» الهادفة استراتيجياً إلى إدخال المنطقة في مرحلة التفتت، حيث يميل الصراع حول فلسطين ضد إرادة الشعب الفلسطيني وتطلعاته وحقوقه الوطنية المشروعة.. وبذلك تظل المنطقة غارقة في اضطراب عميق ومستديم.

*كاتب إماراتي