فيلم أميركي جديد بدأ عرضه في صالات السياسة الأميركية عنوانه الصادم «الجولان إسرائيلية». صدمة جديدة أصابت السوريين والعرب والمسلمين والعالم أجمعين بسخونة التيار في عروقهم السياسية، كلاً حسب وزنه وقدرة تحمله وتأثيره في العالم من حوله.
فالتوقيت ليس في صالح العرب لأن كل واحد مشغول بمعركة الحفاظ على الذات، وأعني النظام الحاكم لكل دولة على حدة، وهو ما ينطبق على النظام السوري قبل الآخرين.
نبدأ فيلم «الجولان» من عند ترامب وليس نتنياهو، عبر حسابه بـ «تويتر»: بعد 52 سنة، حان الوقت للولايات المتحدة للاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، التي تتسم بأهمية استراتيجية وأمنية بالغة الأهمية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي!
بعد مرور أكثر من نصف قرن على احتلال إسرائيل للجولان السورية لم يستطع النظام استعادتها بأي وسيلة حتى السلمية منها، ولكن ذات النظام استطاع بترسانة أسلحته الجرارة تحويل سوريا كلها إلى براميل متفجرة دمر من خلالها سوريا، وحوّل فيها البشر إلى أكوام من الحجر.
وهذا بالضبط ما أشار إليه شمعون بيريز في كتابه «الشرق الأوسط الجديد»، الذي صدر قبل ثلاثة عقود، فقد ذكر فيه أن سوريا تنفق على ترسانة الأسلحة من إجمالي ميزانية الدولة قرابة 30%، ليس لمحاربة إسرائيل واسترجاع الجولان، وقد صدق نبوءة بيريز وإن هو غادر الحياة.
نعُود إلى ترامب الذي يريد التخلص من كل الملفات الساخنة والعالقة في الفترة المتبقية من رئاسته التي أوشكت على الانتهاء، أو في الفترة الثانية التي يحتمل أن يفوز بها إن لم تنفجر في وجهه القضايا الداخلية التي تحدد مصير ولايته الثانية، وليست قضية فلسطين ولا الجولان.
كيف تؤدي شرعنة احتلال الجولان إلى الاستقرار الإقليمي، أترك الجواب لترامب في الفترة الثانية من ولايته إن صدقت التوقعات.
هضبة الجولان الكنز الاستراتيجي لإسرائيل من ناحية الثروات الكامنة في باطنها، فالأغلى هو ماء بحيرة طبريا ومن بعده النفط والغاز ومعادن أخرى لا تخلو منها الهضبة.
ترامب لم ينتظر لمعرفة ردود الأفعال في العالم، بل فعل كما تصرف في نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. وعندما رأى ردة الفعل الباهتة من العرب والمسلمين، فلم يتردد لحظة في الانتقال إلى الجولان.
إنما تقدم خطوة أخرى للأمام، حيث يعمل مسؤولون أميركيون على إعداد وثيقة بشأن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، قد يوقعها ترامب خلال فترة قصيرة. لنلقي الضوء على بعض ردود أفعال بعض المنظمات الدولية والإقليمية في هذا الصدد، حيث تبنّى مجلس حقوق الإنسان الأممي قراراً يؤكد تبعية الجولان لسوريا ويدين الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي، رداً على نية ترامب، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة. وحظي هذا القرار، الذي تقدمت به باكستان باسم منظمة التعاون الإسلامي، خلال التصويت الذي جرى بدعم 26 دولة مقابل معارضة 16 بلداً بينها بريطانيا وأوكرانيا واليابان وأستراليا، فيما امتنع 5 أعضاء في المجلس عن التصويت. أما الاتحاد الأوروبي، فقد عبَّر عن موقفه تجاه تصريحات ترامب، برفض الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.
نذهب إلى روسيا لنسبر رد فعلها، حيث أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن تغيير صفة مرتفعات الجولان بالالتفاف على مجلس الأمن يعد انتهاكاً مباشراً للقرارات الأممية.
ننتقل إلى العالم العربي ونبدأ بمصر قلب العروبة النابض، فقد صرحت الخارجية المصرية بأن الجولان أرض عربية محتلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
ثم نعرج على مجلس التعاون الخليجي لنعرف الموقف من لسان الزياني، الذي أعرب عن أسفه للتصريحات التي أدلى بها ترامب بشأن مرتفعات الجولان السورية.
وقال إن تصريحات الرئيس الأميركي التي وردت في حسابه على «تويتر» بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية لن تغير من الحقيقة الثابتة التي يتمسك بها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهي أن مرتفعات الجولان العربية أراض سورية احتلتها إسرائيل بالقوة العسكرية في الخامس من يونيو 1967م.
بعد هذا المشهد نترك الأمر أمامكم لكي تقرروا، إن كانت هذه المواقف ستوقف ترامب عند حده وتعيد الحق لأهله.