تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تقديم ضمانات محددة بشأن تنظيم علاقات العمل بين العاملين وأرباب عملهم، حيث عادة ما تواجه هذه العلاقات بعض الممارسات السلبية التي تهضم حقوق أحد طرفي العلاقة، وهو ما حفّز الحكومة على اتخاذ مجموعة من المعايير والضوابط التي تضمن للعامل حقه، من دون التغاضي عن ضرورة حفظ حقوق أصحاب العمل. وجاء تطبيق إجراءات جديدة، بدأتها وزارة الموارد البشرية والتوطين، تلزم بموجبها مكاتب الاستقدام بمد فترة ضمان العامل المساعد لمدة عامين، وفقاً لضوابط محددة، تنفيذاً لقرار صادر عن مجلس الوزراء بشأن اللائحة التنفيذية لقانون عمال الخدمة المساعدة، سعياً إلى ضبط عمل مكاتب الاستقدام، بما يضمن أن تقدم خدمات متميزة للمتعاملين، وبما يحد من أي ممارسات سلبية في علاقة العمل، قد تطرأ بين طرفيها، وتؤدي إلى إلحاق الضرر بأصحاب العمل، ولاسيّما ما يتعلق بترك العامل المساعد للعمل.
ويسعى قرار الوزارة باتخاذ تلك الإجراءات إلى إلزام مكاتب استقدام العمالة المساعدة المرخصة، سواء كانت مراكز الخدمة «تدبير» أو غيرها برد تكاليف الاستقدام كاملة، أو جزء منها لصاحب العمل وفقاً للمدة الزمنية المتبقية من عقد العمل، ووفقاً لرغبته في حال وقوع إحدى الحالات الأربع المحددة، وخلال الأشهر الستة الأولى من العقد، حيث تشمل هذه الحالات: فسخ العقد من طرف العامل من دون سبب مشروع، أو تركه للعمل من دون سبب مقبول، أو عدم لياقة العامل الصحية، وأخيراً عدم قدرته على القيام بمهام عمله بالشكل المطلوب، ما يعدّ وسيلة مهمة لحفظ الحقوق المالية لأصحاب العمل.
ويأتي تطبيق الإجراءات المذكورة بالتوازي مع حزمة معايير نصت عليها اللائحة التنفيذية، من شأنها توفير العمالة المساعدة المدربة والمؤهلة، وخاصة مكاتب الاستقدام التي لا تحمل علامة «تدبير»، إذ سيتم إغلاق المكاتب التي لم تعدل أوضاعها بما يتوافق وضوابط ترخيص مراكز الخدمة «تدبير»، التي تقدم باقات من شأنها تلبية احتياجات وتطلعات المتعاملين بشكل يحقق التميز والسعادة لهم، وضمان حقوق أصحاب العمل المالية.
وفي أكتوبر الماضي، كانت وزارة الموارد البشرية والتوطين قد أعلنت البدء في تطبيق نظام التأمين الجديد على العمالة المسجلة لديها، ورد قيمة الضمانات المصرفية للمنشآت، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بشأن إلغاء إلزامية الضمان المصرفي لاستقدام العمالة، واستبداله بنظام تأمين منخفض الكلفة، الأمر الذي يدعم ممارسة الأعمال ويخفف العبء المالي عن المنشآت، ويرفع إنتاجية سوق العمل، ويعزز التوازن في علاقة العمل.
إن تمتع العاملين في سوق العمل بدولة الإمارات بحماية كاملة لحقوقهم التي تنص عليها التشريعات الوطنية، وبما يوافق المعايير الدولية، لم يثنِ الحكومة عن الالتفات إلى أهمية حماية حقوق أصحاب العمل، بما يحقق علاقة متوازنة بين الطرفين، ويحفظ لكليهما كامل الحقوق ويلزمهما بكافة الواجبات الموكلة لهما، حيث يُنظر إلى العمالة في دولة الإمارات على أنها شريك فاعل في عملية التنمية الشاملة والمستدامة، كما يُنظر إلى أصحاب العمل كذلك على أنهم الطرف الأبرز في تشغيل هذه العمالة التي يُرجى منها إحداث أثر تنموي لافت للنظر، يخدم الوطن والمواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء.
إن استقرار علاقات العمل بين طرفيها، العامل وصاحب العمل، يعدّ الهدف الأبرز والاستراتيجية الأعمق التي تسعى الحكومة في دولة الإمارات إلى تحقيقها، وذلك تعزيزاً للعلاقات التعاقدية القائمة على التراضي بين الطرفين، بما يحقق المرونة والرقابة، ويوفر البيئة الآمنة، ويساعد في الوقت نفسه أصحاب العمل على الوفاء بالتزاماتهم القانونية بأسهل الطرق وأيسرها. كما تحرص السياسات والتشريعات التي اتخذتها دولة الإمارات على فض النزاعات العمالية انطلاقاً من ضمان حق التقاضي لدى طرفي النزاع، وفق إجراءات سهلة وميسرة وسريعة، تضمن لكليهما نتائج عادلة ومنصفة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية