أصبح مصير الأطفال الذين نشأوا على أيدي المقاتلين الأجانب في تنظيم «داعش» قضية دولية عقب انهيار الخلافة المزعومة للتنظيم خلال العام الماضي.
وفي مواجهة الاستجابة البطيئة من جانب الحكومة للقضايا المحيطة بأسرتها، قررت سيدة أسترالية أن تتناول الأمر بنفسها. وسافرت «كارين نيتلتون» إلى مخيم «الحول» للاجئين في سوريا لتجد ثلاثة من أحفادها واثنين من أبناء أحفادها. وعندما احتضنتهم أخيراً بعد أن فرقتهم السنين، قالت واحدة من أحفادها، «هدى شروف»، إنها لا تستطيع أن تصدق ذلك.
وأضافت هدى، 16 عاماً «إنني متأكدة أنني أحلم»، وفقاً للقطات التي تم بثها يوم الاثنين والتقطها فريق من التلفزيون الأسترالي.
وردت عليها نتيلتون «أنتِ لا تحلمين ولن تستيقظي من النوم».
تعيش هدى وإخوتها، زينب شروف، 17 عاماً، وحمزة شروف، 8 سنوات، مع ابنتي زينب في المخيم. ويُعتقد أنهم الأفراد الوحيدون الباقون على قيد الحياة لعائلة فرت إلى سوريا ولحق بها العار في أستراليا.
وقد تم إحضار هذه الأسرة إلى سوريا بوساطة «خالد شروف»، المقاتل الأسترالي الذي أثار الرعب في جميع أنحاء العالم في عام 2014 بعد أن نشر على تويتر صورة لطفل صغير، يبدو أنه ابنه، وهو يحمل رأساً بشرية مقطوعة في بلدة يسيطر عليها تنظيم «داعش». وكتب في تعليق على الصورة: هذا هو ولدي!
وقد ذهب خالد شروف، الذي ذكرت السلطات الأسترالية أن لديه تاريخاً من الأمراض العقلية، إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى جماعة «داعش» الناشئة في عام 2013. وسرعان ما لحقت به زوجته «تارا نيتلتون»، وأطفالهما الخمسة. ويعتقد أن «تارا نيتلتون» قد ماتت قبل عام 2016 بسبب مضاعفات التهاب الزائدة الدودية، وفقاً لصحيفة «سيدني مورنينج هيرالد»، ويُعتقد أيضاً أن خالد شروف قد مات مع ولديه الكبيرين في غارة جوية أميركية عام 2017.
وشنت كارين نيتلتون حملات متكررة لإعادة أحفادها إلى الوطن. وتعد هذه هي رحلتها الثالثة إلى الشرق الأوسط أملاً في لم شمل أسرتها، لكن هذه هي أول مرة تلتقي فيها بأقاربها منذ أن تركوا أستراليا.
ومن جانبها، قالت الحكومة الأسترالية إنها سترفض مساعدة المواطنين الأستراليين الذين ذهبوا للقتال مع «داعش»، لكن رئيس الوزراء «سكوت موريسون» قال هذا الشهر إنه سيعمل مع مجموعات الإغاثة لإعادة أبناء المواطنين الأستراليين. وقال «موريسون» في تصريحات صحفية «حيثما يكون هناك أستراليون عالقون في هذا الموقف، خاصة إذا كانوا أطفالاً أبرياء، فإننا سنفعل ما يتوقع الأستراليون منا أن نفعله نيابة عنهم».
ووفقاً لتقديرات مجموعات الإغاثة، هناك ما لا يقل عن 2500 طفل أجنبي في المخيمات التي ظهرت فيما فقد تنظيم «داعش» آخر بقايا أراضيه في سوريا. وقد أثار مصير هؤلاء الأطفال جدلاً سياسياً مكثفاً في بلدانهم الأصلية، حيث آثرت بعض الدول مثل روسيا إعادتهم إلى أوطانهم بينما ترددت بلدان أخرى.
وعلى الرغم من لم شملها مع أسرتها في سوريا، لم تجلب «كارين نيتلتون» أقاربها إلى أستراليا. وقد غادرت المخيم منذ ذلك الحين وتعمل مع الحكومتين الكردية والأسترالية لجلب أحفادها وأبناء أحفادها إلى الوطن. ومن غير الواضح إلى متى سيتعين على الأسرة الانتظار في مخيم اللاجئين.
وبالرغم من أن «موريسون» قد قال إنه لن يخاطر بحياة الأستراليين لجلب أبناء مقاتلين أجانب إلى الوطن، ذكرت صحيفة «ديلي تليجراف» أنه إذا تمكن الأطفال من الوصول إلى السفارة الأسترالية فقد يحصلون على جوازات سفر تتيح لهم السفر إلى البلاد.
وفي حديثها مع برنامج"فور كورنرز"الذي يبثه تلفزيون"إيه بي سي"، قالت زينب شروف إن المواطنين الأستراليين ليس لديهم ما يخشونه من العودة إلى عائلاتهم.
وأضافت"لقد تم إحضارنا إلى هنا من قبل أبوينا والآن وقد رحل والدينا، فإننا نريد العيش. وبالنسبة لي أنا وأبنائي فإننا نريد أن نحيا حياة طبيعية، مثل أي شخص يريد أن يعيش حياة طبيعية".
من ناحية أخرى، قال بول رونالدز، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة في أستراليا: «إن الأطفال الأستراليين من المقاتلين الأجانب، هم ضحايا القرارات المروعة التي اتخذها والداهم ويجب إعادتهم»، وأضاف «التحول في الخطاب من قادة كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين أمر مشجع، لكن الكلمات وحدها لن تعيد هؤلاء الأطفال إلى بيوتهم".
*صحفي بريطاني متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»