بشكل سنوي، تقيم العديد من الجهات والمؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في مجال الصحة العامة، العديد من الأنشطة والفعاليات، بالتزامن مع اليوم العالمي للامتناع عن استخدام منتجات التبغ (World No Tobacco Day)، والذي يحل كل عام في آخر أيام شهر مايو. وتهدف هذه الحملة السنوية إلى زيادة الوعي العام والإدراك بالتأثيرات الضارة والمميتة لمنتجات التبغ، وبالتبعات الصحية السلبية للتدخين الثانوي أو غير المباشر.
وستركز حملة هذا العام على شعار «التبغ وصحة الرئتين»، لتدور حول محورين رئيسيين، أولاً: زيادة الوعي بالدور الذي تلعبه الرئتان السليمتان في الحفاظ سلامة جسد الفرد وتمتعه بصحة جيدة، وثانياً: حجم الوقع السلبي الذي تتركه منتجات التبغ على صحة الرئتين، بداية الأمراض التنفسية المزمنة ونهاية بالأمراض السرطانية.
ويكفي لإدراك حجم وفداحة الوقع السلبي للتدخين، من منظور الأمراض السرطانية، وبالتحديد سرطان الرئة، حقيقة أن سرطان الرئة يصنف ضمن أخطر الأمراض السرطانية على الإطلاق، كونه من أكثر أنواع السرطان انتشاراً، كما أنه يتمتع بنسبة وفيات مرتفعة جداً بين المصابين به. فرغم أن سرطان الرئة يحتل المرتبة الثانية على قائمة الأمراض السرطانية الأكثر انتشاراً، فإنه يأتي على رأس قائمة الوفيات الناتجة عن جميع أنواع السرطان، حيث يتسبب في مقتل أكثر من ثلاثة ملايين شخص سنوياً حول العالم. وحتى بين النساء، واللواتي تنخفض لديهن احتمالات الإصابة مقارنة بالرجال، نجد أن الوفيات الناتجة عن سرطان الرئة تزيد على جميع الوفيات الناتجة عن سرطان الثدي، وسرطان الرحم، وسرطان المبيضين.
وبوجه عام، من خلال الأمراض السرطانية أو غيرها من الأمراض، يتصف استخدام منتجات التبغ بصفات تصلح كسيناريو لأفلام الرعب، مثل: 1- التدخين يقتل نصف مستخدميه، بشكل مباشر أو غير مباشر. 2- يتسبب التدخين في وفاة 6 ملايين شخص سنوياً. 3- إذا لم تتخذ تدابير كافية لمكافحة التدخين، فسيرتفع العدد السنوي لقتلى التبغ إلى 8 ملايين بحلول عام 2030. 4- يعيش 80 في المئة من المدخنين -البالغ عددهم أكثر من مليار شخص- في الدول الفقيرة، والدول متوسطة الدخل، حيث تنخفض معدلات الرعاية الصحية للأمراض الناتجة عن استخدام التبغ، ويصعب إيصال رسائل التثقيف الصحي بشكل فعال. 5- يتزايد عاماً بعد آخر حجم الاستهلاك العالمي من التبغ، وإن كان حجم هذا الاستهلاك يتراجع في الدول الغنية وشبه الغنية.
وعلى الصعيد المحلي، وبالتحديد في دولة الإمارات، كشف تقرير «أطلس التبغ 2018» الذي تعده الجمعية الأميركية للسرطان، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ويصدر كل عامين، أن أكثر من 2900 شخص بدولة الإمارات ماتوا خلال عام بسبب مضاعفات الأمراض التي يسببها التدخين وفقاً لإحصاءات عام 2016، بواقع 52 حالة وفاة بين الرجال أسبوعياً، أي ما يعادل 13 في المئة تقريباً من إجمالي حالات الوفاة بصورة عامة بين الرجال في الدولة، ووفاة 5 نساء أسبوعياً من جراء التدخين، بنسبة 6 في المئة من وفيات النساء بصورة عامة. وكشف التقرير أن العبء الاقتصادي على دولة الإمارات بسبب استخدام التبغ، يصل إلى أكثر من مليار درهم سنوياً. ويتضمن هذا العبء التكاليف مباشرة، الناتجة عن زيادة النفقات على الرعاية الصحية، وتكاليف غير مباشرة تتمثل في انخفاض الإنتاجية بسبب معدلات الوفاة المبكرة وانتشار الأمراض.
ومؤخراً تواترت بعض الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين التدخين، وبين زيادة احتمالات الإصابة بداء السكري، وهي العلاقة التي إذا ما ثبتت وأُكدت، فسيكون لها وقع وأثر كبير على الجهود الرامية لخفض حجم وانتشار الوباء العالمي الحالي من السكري، والذي يقدر أنه يصيب 400 مليون شخص، ويتسبب في وفاة قرابة الخمسة ملايين منهم سنوياً، ما يجعل السكري من الأسباب الرئيسة، للإعاقات والوفيات بين أفراد الجنس البشري. ولذا يطالب البعض حتى قبل أن تثبت هذه العلاقة بشكل مؤكد ونهائي، بضرورة أن يخبر الأطباء مرضاهم باحتمال وجود هذه العلاقة، وأن يشيروا إلى أن التدخين ليس فقط عامل خطر رئيساً خلف الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وبطائفة متنوعة من الأمراض السرطانية، وإنما قد يكون أيضاً عامل خطر ثانوياً خلف الإصابة بالسكري، حيث يقدر البعض مبدئياً، أن التدخين قد يكون السبب خلف 12 في المئة من حالات الإصابة بالسكري بين الذكور، و2 في المئة من حالات الإصابة بالسكري بين الإناث، وهي التقديرات التي ستكون فائقة الأهمية على صعيد جهود الوقاية من السكري، إذا ما ثبت وجود هذه العلاقة بشكل قطعي.