تسعى الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى إجراء المفاوضات بين الأطراف المتحاربة في أفغانستان، وتحديداً بين حركة «طالبان» والولايات المتحدة الأميركية في قطر، لإنهاء دوامة العنف التي تشهدها أفغانستان، منذ أكثر من أربعين عاماً، حيث صرح المتحدث باسم المكتب السياسي لـ«طالبان»، سهيل شاهين، أن فريق التفاوض التابع للحركة سيعقد محادثات مفتوحة مع المبعوث الأميركي للسلام، زلماي خليل زادة، ورغم ذلك استمرت وتيرة العنف بين مسلحي حركة «طالبان» والحكومة، حيث اقتحمت عناصر من الحركة مبنى في العاصمة كابول، وفجرت شاحنة ملغومة قرب مجمع تابع لوزارة الدفاع، مما أسفر عن سقوط قتلى، وإصابة 100 شخص على الأقل، من بينهم 35 طفلاً.
السؤال، إلى متى تستمر الحرب العبثية في أفغانستان، والتي بدأت في عام 1979 ضد التواجد السوفييتي آنذاك؟
وقد انسحب السوفييت، لكن حلت محلهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في الحرب ضد «طالبان» وتنظيم «القاعدة» والحزب الإسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار وغيرهم.. الآن توسعت قاعدة الإرهابيين بدخول تنظيم «داعش» وحركة أوزبكستان الإسلامية.
في عام 2015، انسحبت قوات المساعدات الدولية أملاً في إرساء الأمن في أفغانستان، وبقي الصراع الدموي بين حركة «طالبان» ومعها التنظيمات الإرهابية المسلحة ضد الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب، ما جعل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يسحب جزءاً من القوات الأميركية أملاً في الوصول إلى حلول سلمية للمشكلة.
المفاوضات الحالية ليست الأولى، حيث شاركت الصين وباكستان في المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان»، لكن الحرب استمرت في الطرفين.
يبقى السؤال، لماذا تستمر الحرب العبثية التي أنهكت الشعب الأفغاني وأفقرته.. السبب الرئيسي لعدم التوصل إلى حلول سلمية تعود إلى الصراع والاقتتال الداخلي بين القبائل المختلفة في حركة «طالبان» نفسها.. فصراع التنظيمات المتطرفة لا علاقة له بالدين أو تطبيق الشريعة.. بل أساسه هو النفوذ القبلي والهيمنة على مصادر الحشيش والأفيون «المخدرات» التي تصدر لكل المعمورة.. حالياً يوجد صراع بين أنصار «اختر منصور» وآخرين موالين لتنظيم «داعش»، الذي يقوده «الملا منصور داد الله»، ويحظى هذا التنظيم بدعم المتطرفين الأجانب من الأوزبك والشيشان والعرب.
المصيبة، أن هذه العصابات الإرهابية لا تهتم ولا تكترث بالخسائر المادية والخسائر في الأرواح التي سببتها هذه الحرب.
صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، ذكرت في ظرف ثلاثة أشهر، بين يناير وأبريل عام 2015، تسببت هذه الحرب في مقتل 2000 جندي أفغاني وحوالي 3400 جريح.. تقرير الأمم المتحدة لعام 2015 ذكر بأن هنالك 3549 حالة وفاة بين المدنيين و7457 من الجرحى.
وأخيراً، نتساءل هل هنالك إمكانية للوصول إلى حلول سلمية؟.. من الصعب الإجابة على التساؤل، لأن هنالك عناصر دينية وقبلية متعصبة تتاجر بالدين ولا تحترم الإنسان، وهم مستفيدون من تجارة المخدرات.
*أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت