في الفترة من 13 إلى 16 يوليو 2020، سيعقد «الحزب الديمقراطي» الأميركي مؤتمره الوطني في ميلواكي بولاية ويسكونسن، للإعلان رسمياً عن مرشحه لمنافسة الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شهر نوفمبر من نفس العام. وبالتالي، فإن «الديمقراطيين» أمامهم عام لاختيار شخص يعتقدون أنه قادر على التغلب على ترامب. وستكون هذه مهمة صعبة.
وحتى الآن عرض 26 مرشحاً محتملاً على الأقل رسمياً، أو ألمحوا، إلى أنهم مهتمون بشغل المنصب. وقد شارك 20 من هؤلاء في المناظرة الوطنية الأولى التي أجريت على مدار أمسيتين في الثالث عشر والرابع عشر من شهر يونيو المنصرم، كل مناظرة ضمت عشرة مرشحين. ومن المقرر إجراء مناظرة ثانية في نهاية شهر يوليو، وستقتصر أيضاً على 20 مرشحاً. أما المناظرة الثالثة فسيتم إجراؤها في شهر سبتمبر وستضم عدداً أقل من المشاركين، حيث سينسحب بعض من العدد الأصلي. وسيتم استبعاد الآخرين إذا لم يلبوا المعايير التي حددها الحزب «الديمقراطي» فيما يتعلق بجمع الأموال ونسب تأييدهم في استطلاعات الرأي. وعلى مدار العام المقبل، ستنخفض هذه الأرقام، حتى لا يتبقى في السباق سوى عدد قليل من المرشحين بحلول موعد انعقاد مؤتمر يوليو 2020.
وبصرف النظر عن الانكماش الحتمي في الأعداد، فإن تركيز المناقشات سيصبح أكثر حدة مع هيمنة قضيتين على المناقشات: من هو المرشح الأنسب لهزيمة ترامب في انتخابات نوفمبر؟ وما هي السياسات المحددة التي وضعها المرشح لتحسين رفاه الطبقة المتوسطة الأميركية وضمان الحقوق والفرص لأعداد متزايدة من مجموعات الأقليات التي تعيش وتعمل في الولايات المتحدة؟
وتتمثل إحدى المعضلات في أن بعضاً من أكثر المرشحين صراحة وجودة إعداد، ومن بينهم عضوا مجلس الشيوخ «بيرني ساندرز» (ولاية فيرمونت) و«إليزابيث وارين» (ولاية ماساتشوسيتس)، قد دافعوا عن سياسيات جذرية من شأنها زيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء للغاية، والقيام بإصلاحات جذرية للحد من سلطة وتأثير وول ستريت (حي المال في الولايات المتحدة)، بما في ذلك البنوك الكبرى والصناعات الدوائية والتأمينية والصحية والآلاف من مجموعات الضغط التي تعمل لصالحها في واشنطن. وفي حين أن العديد من «الديمقراطيين» المعتدلين يوافقون سراً على هذا النوع من الأجندة، فإنه بالنسبة للجمهوريين والعديد من المستقلين، يبدو المرشحون «اشتراكيين للغاية» في نهجهم. فلم تكن المقترحات «بأخذ مبالغ من الأثرياء» موضوعاً رئيسياً للسياسة الأميركية، على الرغم من أن توزيع الدخل بين شديدي الثراء والآخرين لم يكن أبداً أوسع نطاقاً مما هو عليه اليوم.
وحالياً، فإن المرشح الأوفر حظاً بين «الديمقراطيين» هو «جو بايدن»، النائب السابق للرئيس باراك أوباما، والبالغ من العمر 76 عاماً، والمعروف جيداً والمحبوب من قبل المعتدلين في الحزب والناخبين الأميركيين من أصل أفريقي، والذين يمثلون أهمية كبيرة. وقد أجرى لقاءً صعباً مع عضو مجلس الشيوخ «كامالا هاريس»، خلال الجولة الأولى من المناظرات، حيث تناول النقاش سجله الماضي من العمل مع اثنين من المؤيدين للفصل العنصري، وعن وجهات نظره فيما يتعلق بنقل التلاميذ بالحافلات المدرسية، بهدف إزالة التفرقة العنصرية في المدارس. ومع ذلك، فإن مكانته في الحزب لا تزال مرتفعة في المقام الأول لأنه أثبت أنه يتمتع بسجل حافل، لاسيما فيما يتعلق بعمله مع الرئيس السابق أوباما، ولأنه قادم من بنسلفانيا، الولاية التي يجب على الديمقراطيين تحقيق الفوز فيها إذا أرادوا هزيمة ترامب في المجمع الانتخابي.
لكن هل يُعد بايدن متقدماً للغاية في العمر؟ إذا تم انتخابه في عام 2020 سيكون في عامه الثامن والسبعين، بحلول اليوم الذي يؤدي فيه اليمين الدستورية في يناير 2021. وسيكون إلى حد بعيد أكبر شخص يتولى هذا المنصب الذي يرى البعض أنه الأصعب والأكثر مشقة في العالم. ومن ناحية أخرى، سيكون ترامب في عامه الخامس والسبعين إذا أعيد انتخابه، ما يبقيه في المنصب لمدة أربع سنوات حتى يبلغ التاسعة والسبعين في يناير 2025، ليكون الرئيس الأكبر سناً في تاريخ الولايات المتحدة. هذه الأرقام تشير إلى أن العمر سيكون عاملاً في السباق القادم. وإذا ظهر مرشح ديمقراطي أصغر سناً مع آراء وسطية قوية ويحظى بجاذبية كبيرة لدى الطبقة المتوسطة والأقليات، فإنه سيكون خياراً واعداً بشرط أن يكون هذا الشخص يتمتع بالصلابة لمنافسة ترامب ومواجهته في العديد من القضايا التي كان مسؤولاً عنها بما في ذلك فوضى الهجرة، والمواجهة مع الحلفاء المقربين والسياسة غير المتماسكة في المناطق الحساسة من العالم، ومن بينها منطقة الشرق الأوسط.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال انترست» -واشنطن