مع بدء العد التنازلي لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي شرعت الجهات المختصة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة في تهيئة الظروف المناسبة لسير العملية على أكمل وجه، سواء ما يتعلق بآلية الانتخاب ومراحله، أو الاشتراطات المتعلقة بضوابط الترشح، ومعايير قبول المرشحين للحصول على مقاعد في المجلس المقرَّر اختياره في شهر أكتوبر المقبل. وفي هذا السياق، شرعت اللجنة الوطنية للانتخابات في تنظيم مجموعة من الأنشطة الهادفة إلى ترجمة الجهود التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وذلك بما يجعل الدورة المقبلة لانتخابات المجلس الوطني إضافة نوعية لمرحلة التمكين التي تسعى إليها القيادة الرشيدة، لتفعيل مشاركة أبناء دولة الإمارات في صناعة الحاضر، ووضع خطط المستقبل.
وتحقيقاً لهذا المسعى، نظَّمت اللجنة الوطنية للانتخابات مؤخراً سلسلة من الورش والندوات التثقيفية على مستوى مختلف إمارات الدولة للناخبين وأعضاء الهيئات الانتخابية الراغبين في الترشح، حيث يتم العمل على تثقيفهم بالعملية الانتخابية، واطلاعهم على إجراءات الترشح، وتعريفهم بجميع تفاصيل المشاركة فيها، بما في ذلك ضوابط الحملة الانتخابية لكل مرشح، والمخالفات والطعون الانتخابية.
وقد شملت الأنشطة التثقيفية، إضافة إلى التعريف بالإجراءات التنظيمية والقانونية، التعريف بالوظائف التشريعية للمجلس الوطني الاتحادي، ودوره في مسيرة بناء الدولة، وخاصة دور أعضائه في مناقشة التعديلات الدستورية، ومشروعات القوانين، والمعاهدات والاتفاقيات، وميزانية الدولة وحسابها الختامي، إضافة إلى وظيفة الرقابة، ومناقشة الموضوعات العامة، وطرح الأسئلة، وبحث الشكاوى المقدمة، وهي كلها أمور تدخل في إطار تعزيز الممارسة الديمقراطية التدريجية داخل الدولة وفق ما ينص عليه الدستور الذي يراعي في نصوصه خصوصية المجتمع الإماراتي، ويأخذ في الاعتبار كل التحولات التي يمر بها، ولذا فإنه ينص بشكل واضح وصريح على أهمية التنمية السياسية التي تُعَدُّ مرحلة مهمة لإعداد شعب دولة الإمارات لحياة دستورية حرة وكريمة، والسير به قدماً نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الأركان.
وقد نجح المجلس الوطني الاتحادي، خلال دوراته السابقة، في بلورة العديد من الرؤى والتوجهات التي أسهمت بدورها في جهود التنمية داخل الدولة، كما استطاع أعضاؤه أن يقوموا بالأدوار الموكلة إليهم في تمثيل المواطن، والتعبير عن طموحاته وأمانيه، ونقل مشكلاته وقضاياه إلى الحكومة الاتحادية.
وتدخل العملية الانتخابية داخل الدولة في إطار مساعي القيادة الرشيدة إلى تدعيم عملية المشاركة السياسية لأبناء الإمارات جميعاً، منذ عهد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، الذي كان حريصاً على مشاركة أبناء الدولة في تسيير شؤونهم، وذلك وفق ما كانت تتيحه ظروف الوعي المدني آنذاك.
وبعد أن شهد المجتمع الإماراتي طفرات نوعية عدة، على مستوى الوعي المدني والثقافة السياسية، اتسعت مشاركته السياسية، وازدادت رؤيته عمقاً للعديد من القضايا التي تهم شؤونه العامة والخاصة، وقد انعكس ذلك بدوره على حرص العديد من أبناء الدولة اليوم على تلبية نداء الوطن من خلال التقدم للترشح للمجلس الوطني الاتحادي من جهة، والإقبال على الاقتراع الوطني من جهة أخرى.
وقد شكلت انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، التي أجريت في عام 2015، حدثاً استثنائياً داخل الدولة، حيث أتيح للمرأة الإماراتية فرصة الفوز برئاسة المجلس لأول مرة في تاريخه، ولذا فإن الآمال تظل معلقة بشكل أكبر على ما ستسفر عنه نتائج المجلس المقبل، وخاصة في ظل الإدراك المتصاعد لأهمية عضويته، والمسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه الوطن، ذلك أن من يحظى بثقة الناخبين يجب أن يكون جديراً بتحمُّل تلك المسؤولية من ناحية المهارات الشخصية والمهنية.
عن نشرة  «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية