صادف أمس الاثنين، التاسع عشر من شهر سبتمبر الجاري، اليوم العالمي للعمل الإنساني في العالم، وهي مناسبة مهمة للعديد من الدول والشعوب في العالم، وخاصة لتلك الدول التي تلعب دوراً ريادياً في مجالات العمل الإغاثي والإنساني لصالح الشعوب التي تعاني ويلات الحروب والمجاعات والأوبئة والكوارث.
وبما أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أخذت على نفسها، ومنذ أن تأسست، أن تكون عوناً للمحتاجين والمعوزين في مختلف أرجاء العالم، فإن هذه المناسبة تمثّل بالنسبة إليها مكانة خاصة لا تقل أهمية عن الأعياد الوطنية. ذلك أن سنة العطاء والتضحية من أجل الآخر ظلت دائماً ديدن قيادة البلد منذ تأسيسه، حيث شكلت الدوافع القوية لمساعدة المحتاجين سبباً مباشراً في وصول منظمات الإغاثة الإماراتية إلى مختلف أرجاء المعمورة، متحدية بذلك كل العقبات والصعاب والمعوقات.
فبفضل الجهود التي أسس لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع بواكير تأسيس الدولة قبل أكثر من أربعة عقود من الزمن، تمكنت دولة الإمارات من أن تتصدر قائمة أكثر دول العالم عطاء وخدمة للعمل الإنساني، متجاوزة بذلك العديد من الدول التي سبقتها في هذا المجال بعقود عدة. وهو أمر ليس مستغرباً على بلد تكتسب فيه رسالته الإنسانية أبعاداً روحية تحث على مد يد العون للفقير والمحتاج وعابر السبيل وذوي القربي وغيرهم من أصحاب الحاجة وذوي الفاقة.
لقد تمكنت دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية من أن تنجح في بلورة استراتيجية متعددة الأبعاد في مجال العمل الإنساني وتترجمها على أرض الواقع، بدءاً بالمستوى المحلي، مروراً بالإقليمي، وانتهاء بالمستوى العالمي، حيث عملت بشكل متواصل على سد احتياجات المواطن، في الوقت نفسه الذي وصلت فيه أياديها البيضاء إلى الإخوة والأشقاء في أكثر مناطق العالم صعوبة. أما على المستوى المحلي فقد تم وضع المواطن الإماراتي على قائمة أولويات الحكومة والقيادة، وذلك من خلال سن العديد من المبادرات وتبنّي الكثير من البرامج الهادفة إلى توفير كل ما قد يحتاجه المواطن من أساسيات، كما أتيحت له كل الفرص للارتقاء بنفسه وتأمين مستقبله. فضلاً عن تكريم كل العاملين في مجال العمل الإنساني داخل الدولة.
أما أبرز السمات التي تميز العمل الإنساني في دولة الإمارات فتتمثل في كونه عملاً مؤسسياً تقوم به العديد من الجهات الرسمية والأهلية التي فاق عددها الـ 43 مؤسسة وهيئة في الدولة، كما يتميز بشموليته، وعدم اقتصاره على تقديم المساعدات المادية للمحتاجين، بل تجاوز ذلك بوصوله إلى مناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع المستهدفين بالمساعدات، فيما تكمن الميزة الأخرى في أن العمل الإنساني لدولة الإمارات قد بات جزءاً أصيلاً من السياسة الخارجية للدولة.
وإذا نظرنا اليوم إلى تلك الاستراتيجية أدركنا أنها تنبع من تجربة فريدة اكتسبتها دولة الإمارات في مجال العمل الإنساني، تقوم على استمرارية التأثير من خلال استبدال عمليات الإغاثة النمطية بتنفيذ مشروعات تنموية تصب في مصلحة شعوب الدول المستفيدة، كبناء المساكن والمستشفيات وشق الطرق وبناء محطات الكهرباء وحفر الآبار، الأمر الذي وفر استدامة للموارد الأساسية وأسهم في تحسين الظروف المعيشية لشعوب الدول المستهدفة.
لقد باتت دولة الإمارات اليوم حاضرة بقوة في أكثر من منطقة في العالم، فمشاريعها التنموية والإنسانية هي خير معبر عن مكانتها في نفوس الشعوب المحتاجة، كما بات اسم المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واسم دولة الإمارات عَلَماً على المستشفيات والمساجد وموارد الري ومضخات الماء والمدارس، بل وحتى القرى الحديثة وجودة الخدمات المرتبطة بها في قرى أفريقيا وأحراش آسيا وغيرها من مناطق العالم.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية