تميز حضور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قمة مجموعة السبع في فرنسا هذه المرة بهدوء نسبي، مقارنةً بحضوره قمة العام الماضي في كيبيك التي انتهت بمغادرته الاجتماعات غاضباً.
وفي العام الثالث من رئاسة ترامب، اعتاد حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين على نفور الرئيس الأميركي من تعدد الأطراف وسعادته بالإجراءات الحمائية وعدم مبالاته بالأعراف الليبرالية. فكل هذه السمات تجلت في القمة التي استضافتها فرنسا في بياريتس. وأشار عدد من التقارير إلى أن الانقسامات بين ترامب ونظرائه في أكبر اقتصاديات العالم المتقدم كانت حاضرة لكن تحت السطح. وفيما يلي ملاحظات على ثالث ظهور لترامب في قمة الدول الصناعية السبع الكبرى.
أولاً- عزلة ترامب: فقد وجد الرئيس الأميركي نفسه منعزلاً في القضايا الدولية الكبيرة. فقد دشن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مضيف القمة، الاجتماعات بمهاجمة الرئيس البرازيلي اليميني جايير بولسونارو وعدم اكتراثه بغابات الأمازون المطيرة بعد أن أدى انتشار حرائق الغابات إلى تركيز الأضواء على كراهية بولسونارو وترامب لقضية التصدي لتغير المناخ. وعبر ماكرون ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عن عدم استحسانهم فرض ترامب رسوماً جمركية ضمن حرب تجارية قد تصبح مدمرة مع الصين. وكان ترامب في صف الأقلية أيضاً في عشاء يوم السبت الماضي، حين اقترح دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العودة إلى المجموعة التي طُردت منها روسيا بعد ضمها القرم عام 2014.
ثانياً- إرضاء ترامب، فقد قرر ماكرون سلفاً أن هذا القمة ستتخلى عن إصدار بيان مشترك تفادياً للخلافات مع ترامب. وأوضح «جيرار أرنو» السفير الفرنسي السابق في الولايات المتحدة، أن «عدم إصدار بيان كان القصد منه تفادي عزل الولايات المتحدة، وتفادي الانقسامات في مجموعة السبع في قضايا مثل التجارة وتغير المناخ. فرنسا لم ترد تكرار الموقف الحرج الذي حدث في مجموعة السبع في كندا حين رفض ترامب فجأة النص الذي وافق عليه وفده».
ثالثاً- تردد ترامب: فبعد أن أعلن ترامب للصحفيين أنه يعيد النظر في فرض رسوم على الصين، مضت «ستيفاني جريشام» المتحدثة باسم البيت الأبيض في مراوغة كلامية مثيرة للدوار، مجادلة بأن ترامب «يندم فحسب على أنه لم يزد الرسوم أكثر». وكان هذا جزءاً من مجموعة مربكة أكبر من التصورات.
رابعاً- تهديدات ترامب: ففي مقابلة ثنائية مع رئيس الوزراء الياباني، تشينزو آبي، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة واليابان توصلا «من حيث المبدأ» إلى اتفاق للتجارة الحرة. لكن «آبي» كان أكثر تحفظاً، مؤكداً أنه مازال هناك عمل يتعين إنجازه. وحكومة آبي والاتحاد الأوروبي يخوضون صراعاً مستتراً مع إدارة ترامب، بشأن الرسوم المزمع فرضها على السيارات اليابانية والأوروبية. والبيت الأبيض يلوح بهذه التهديدات فيما يبدو في محاولة قد تحقق نجاحاً في خفض الرسوم اليابانية على المنتجات الزراعية الأميركية، وهو إجراء يقدم إلى «ترامب سبباً أساسياً ليعتقد أن تهديداته المباشرة تجدي نفعاً» بحسب موقع بوليتكو على الإنترنت.
خامساً- مفاجأة لترامب: كان أكثر التطورات لفتاً للانتباه، يوم الأحد الماضي، هو وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي استهدفته إدارة ترامب ببعض العقوبات. لكن ماكرون وأوروبيين آخرين يرون في ظريف وسيطاً محورياً في نهج دبلوماسي قد يقلص التوترات في الخليج العربي ويخفف عبء العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني.
سادساً- ترامب وجونسون: كان هناك زعيم واحد بحاجة ماسة إلى خطب ود ترامب، وهو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يريد دعم ترامب لخروج بريطاني من الاتحاد الأوروبي ولو دون اتفاق. لكن جونسون لم يشارك ترامب التفاؤل نفسه بشأن التوصل إلى اتفاق تجاري أميركي بريطاني شامل، كما عبر جونسون أيضاً عن عدم موافقته على حرب ترامب التجارية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»