أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» ومؤسسة «أسرة كايزر» أن الرئيس دونالد ترامب واتباعه من «الجمهوريين» ممن ينكرون تغير المناخ بعيدون للغاية عما يعتقده غالبية الأميركيين. وجاء في نتيجة الاستطلاع أن «أغلبية قوية من الأميركيين- بواقع 80%- يقولون إن النشاط الإنساني يفاقم تغير المناخ والنصف تقريبا يعتقدون أنه يتعين التحرك عاجلا في غضون العقد المقبل إذا كان للبشرية أن تتفادى أسوأ تأثيراته». ومن الصعب أن نجد 80% من أميركيين يتفقون على أي شيء آخر فيما عدا فحص سجلات المقدمين على شراء الأسلحة نارية وهو ما يعارضه ترامب أيضاً. وبالإضافة إلى هذا، هناك «40% يقولون إن تغير المناخ يمثل أزمة، صعوداً من أقل من 25% قبل خمس سنوات».
والرئيس ليس متوافقا حتى مع رأي حزبه. فقد جاء في تقرير الاستطلاع (رغم أن «الديمقراطيين» والمستقلين أكثر ميلا للاعتقاد بأن تغير المناخ سببه نشاط إنساني إلا أن أغلبية من «الجمهوريين» بنسبة 60% يقولون إنهم يعتقدون هذا أيضا). وبالإضافة إلى هذا هناك (23% من «الجمهوريين» لا يؤيدون طريقة معالجة ترامب لقضية تغير المناخ مقارنة مع 9% فقط من الجمهوريين لا يؤيدون طريقة قيامه بعمله إجمالا).
لكن، لسوء الحظ، يميل الأميركيون إلى الاعتقاد أن شخصاً آخر سيدفع كلفة التحول إلى الطاقة النظيفة. وهناك أغلبية كبيرة تقول إنهم يفضلون أن يتم تمويل مبادرات التصدي لتغير المناخ من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات التي تستخدم الوقود الأحفوري. لكن الأميركيين يعولون على التكنولوجيا في حل هذه المشكلة. وذكر استطلاع الرأي أن 70% من الأميركيين يرون أنه من «المرجح للغاية أو المرجح نوعا ما أن التقدم التكنولوجي سيحد من معظم الآثار السلبية لتغير المناخ». وهذه يوضح تحدياً جديداً لمن يدافعون عن اتباع نهج نشط في معالجة تغير المناخ.
فأولا: بدلا من الاستمرار في الجدل بأن تغير المناخ واقعي ومن صنع الإنسان- وهي أمور تقبلها الغالبية الكاسحة من الجمهور- يتعين على المدافعين عن التصدي لتغير المناخ أن يقيموا الحجة على أن ترامب لا دراية بالوقائع الحديثة التي يتعين على كل شخص التعامل معها. ويجب على «الديمقراطيين» التركيز على أن هناك قبول من الحزبين لهذه الظاهرة.
ثانيا: وهو الأكثر أهمية، يحتاج مؤيدو التصدي لتغير المناخ أن يكونوا أكثر وضوحاً واقتضابا في كيفية وصف الخطوات الضرورية لمعالجة تغير المناخ. فالحجج الزائفة والسخيفة مثل أنه يتعين علينا جميعا أن نصبح نباتيين أو نتخلى عن السفر بالطائرات لن تجدي نفعا مع الجمهور. وسيكون من الحكمة أن يقسم المدافعون عن التصدي لتغير المناخ خططهم إلى ثلاثة مجالات وهي: ما يتعين على الحكومة القيام به، وما يتعين على رجال الأعمال القيام به، وما يتعين على الأفراد القيام به. وبدلا من وضع موعد نهائي لتحقيق أهدافهم، ربما يكون من الأكثر نجاعة تحليل ليس فقط الكلفة بل أيضاً التوفير في الكلفة، مثل إنهاء الدعم للوقود الأحفوري والفحم وأيضاً الفوائد الناتجة عن التصدي لتغير المناخ مثل توفير وظائف جديدة تخلقها الطاقة الخضراء.
إننا نتفق على أن العلاج الحديث له كلفة لكنه ضروري أيضاً لينقذ حياتنا، ويلعب دوراً حيوياً في اقتصادنا- فهناك نحو 18% من الإنتاج المحلي الإجمالي يتعلق بالرعاية الصحية. والشيء نفسه يصدق على العلوم والتكنولوجيا الضرورية لحماية كوكبنا. فقد أصبحت اعتقد أن عدم الإيمان بظاهرة تغير المناخ يعادل عدم الإيمان بنظرية الجراثيم أو التأثير المسرطن للتدخين. فإذا كانت النتيجة النهائية هي خلق مليون أو أكثر من الوظائف ذات الأجور الجيدة، وإذا كانت الكلفة الشهرية مقابل هذا طفيفة، قد يرى الجمهور أن هذه صفقة جيدة للغاية. وبالإضافة إلى هذا، يجب أن يعرف الجمهور مقدار الكلفة التي بلا حدود التي يكبدنا إياها تغير المناخ وهي تمويل الطوارئ وضياع المحاصيل ودمار الممتلكات وزيادة في كلفة الرعاية الصحية.
باختصار، يجب على مؤيدي اتخاذ إجراءات قوية لمكافحة تغير المناخ أن يتوقفوا عن خوض حرب هم في غنى عنها. فقد أصبح منكرو تغير المناخ خارجين عن السياق ومتخلفين في هذه البلاد. ويجب أن يكون إنكار تغير المناخ نقطة ضعف سياسية. ويتعين أن يتحول الحوار الآن إلى حساب الخسائر والمكاسب في معركة التصدي لتغير المناخ. ويتعين على الأميركيين أن يدركوا كلفه التقاعس عن القيام بشيء ما والفوائد المالية وغيرها الناتجة عن العمل والتحرك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»