«حكومة الظل» هي حكومة مزدوجة قد تعني المعارضة، وقد تعني السريّة والحكومة السرية أو الحكومة غير المرئية، وأساسها أن السلطة السياسية الحقيقية والفعلية ليست بأيدي ممثلي الشعب المنتخبين علنًا ولكنها بأيدي أفراد آخرين يمارسون السلطة من خلف الكواليس، ووفقًا لهذا الاعتقاد، فإن الحكومة الرسمية المنتخبة تكون تابعةً لحكومة الظل التي هي السلطة التنفيذية الحقيقية، وقد تتكون من أحزاب المعارضة التي لم تنجح في الانتخابات أو من الأنظمة السابقة التي تمّ الانقلاب عليها وإزاحتها عن الحكم ظاهرياً بينما في حقيقة الأمر هي من يقود وفق اتفاقيات سريّة مع مؤسسات الدولة المسيطرة على المشهد السياسي والعسكري والاستخباراتي والاقتصادي والمالي، وقد تشمل على سبيل المثال البنوك والبنوك المركزية والصناعات القيادية، والمؤسسات التجارية والمالية العملاقة، ووكالات الاستخبارات المركزية، ومراكز الفكر والبحوث والمؤسسات الدينية الكبرى، والجمعيات السرية والماسونية، والنخب العالمية، والمنظمات فوق الوطنية التي تسعى للتلاعب بالسياسة من أجل مصالحها الخاصة أو من أجل خدمة أجندة أكبر مخفية عن عامة الناس.
ووفق منظومة حكومة الظل يكون هناك جزء من الحكومة مخصّصاً للاستهلاك الشعبي، وجزء آخر خفيّ يتمّ من خلاله إنجاز الأمور الأهم والمرتبطة بمصالح عديدة مع الدول والجمعيات واللوبيات، والمؤسسات الدولية المعلنة وغير المعلنة والتي تسيطر على قرارات مصيرية تتعلق بكل مجتمعات العالم، وليس المهم من يقود الدول سياسياً ويكون في أعلى قمة الهرم في الحكومة الرسمية، ولذلك يعتبر البعض الديمقراطية مسرحية هزلية يمثّل فيها الجمهور دون أن يصعد على خشبة المسرح، ولا يستطيع الناخب أن يعرف المصير الذي سيواجهه في حياته في ظل قيادة رئيس أتت به صناديق اقتراع تمثّل من يمتلك قدرة أكبر على الإقناع، ومهارة التأثير بالخطب وإعطاء الوعود معتمداً على الكاريزما الشخصية والوصول لأكبر شريحة من المجتمع.
ويستبعد أن يأتي رئيس دولة كبرى ويقوم بتغييرات جوهرية في السياسات والتوجّهات والغايات العليا لدولته، وفي كيفية الوصول لتحقيق تلك الغايات لكونها مرتبطة بمقدرات ومصادر قوة الدولة، حيث تعدّ الغايات والمصالح الوطنية هي الدستور الأم، وعلى الدول الصغرى في العالم صياغة غاياتها ومصالحها مع الأخذ بعين الاعتبار غايات ومصالح الدول العظمى كمرجع حاكم لغاياتها ودساتيرها حتى لا تقع في شرك الفجوة الجيوسياسية، وتجدّ نفسها تلقائياً عدوًا لتلك الدول، وتلك مهارة من مهارات التعايش السلمي السياسي لتحقيق التوازن في مصالح الدول الحيوية، وأن يفهم منظرّي استراتيجيات تلك الدول الصغرى أن تغيير السياسات الوطنية للدول العظمى يشبه محاولة تغيير مسار حاملة طائرات يفصلها عن نقطة التمركزّ كيلومترات بسيطة، وأن يدركوا كذلك أن الأمن القومي يميل إلى البيروقراطية وتفضيل الوضع الراهن على إحداث هزّات في مشاريع قومية تمّ التخطيط لها لعقود طويلة.
حيث إن مُصطلح «حكومة الظل» ظهر تاريخياً في أواخر القرن التاسع عشر في بريطانيا، حيث أُنشِئ بالاستناد إلى قانون وزراء العرش عام 1937، واعتاد أعضاء الحكومة المهزومة في الانتخابات الاجتماع بقيادة المعارضة ضدّ الحكومة الجديدة، وفي الخمسينيات من القرن الماضي ومع نشأة الديمقراطية في إنجلترا تطوّر أسلوب المعارضة وأصبحت «حكومة الظل» جزءاً أساسياً من العملية السياسية، ويطلق على حكومة الظل في بريطانيا وكندا وأستراليا اسم «المعارضة الوفية لجلالتها» في إشارة إلى «الملكة إليزابيث».
ومن أهم الجمعيات في الوقت الحاضر والتي تلعب دورًا مهماً في السياسة والاقتصاد والمال وصناعة النزاعات في العالم، تدير سيرك حكومات الظل هي «جماعة المتنوّرين» و«مجتمع التنين الأبيض الآسيوي»، وهما يحلمان بالسيطرة الكاملة على العالم من خلال استخدام هذه الهياكل الحكومية الظلّية، وتشير التقديرات إلى أن 6000 شخص يسيطرون على إنتاج الكوكب بأكمله، حيث إن حوالي 97? من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحوالي 39% من ثروات العالم يتمّ التحكم بها من قبل أغنى1? من الأفراد في العالم، كما يعتقد العديد من المنظرّين أن العديد من الكوارث الكبرى والأحداث التخريبية على مدار التاريخ كانت ناجمة عن اليد الخفية للنخب العالمية القوية، والتي قررت كيف سيكون النظام العالمي الجديد، وأبسط مثال على ذلك هو ما يحدث في البرلمان البريطاني وكيف تحبط باستمرار محاولات «بوريس جونسون» للتوصل إلى اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي، وكيف تقوم المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بجمع البيانات عن كل مواطن في الأمم الكبرى، كما وتراقب حكومة الظل حياة الأشخاص الخاصّة وتحفزّ قرارات أفراد الشعب في الانتخابات وغيرها من القرارات الحيوية والتوجهات الجديدة.