لا يضير البتة أن تتعاون الدولة الإسلامية، وتؤسس للوبي ضغط يخدم فيه مصالح المسلمين وبلدانهم في التحالفات العالمية أو حتى الإقليمية منها، كما أن منظمة التعاون الإسلامي بالفعل قادرة على القيام بهذا الدور، فهي معنية بتوصيل رسالة العالم الإسلامي إلى العالم. لكن ما لا يمكن استيعابه، كيف تجتمع دول في 18 ديسمبر الماضي بكوالالمبور، وتزعم أنها تبحث عن مصالح الدول المسلمة، وتدعو دولاً هي في الأساس مصدر توتر في منطقة الشرق الأوسط لحضور مثل هذه اللقاءات؟ إنها محاولة لشق الصف بين الدول الإسلامية.
سوريا واليمن ولبنان والعراق، جميعها بلدان تعاني من تدخلات خطيرة من دول إسلامية، ولا يمكن بأي حال أن يتم التعامل مع هذه الدول كطرف بريء، أو يستدعى ليتم مناقشة أحوال المسلمين في العالم.
الانتماء إلى العالم الإسلامي لا يتسق مع قتل أبرياء يطالبون بمستقبل أفضل لبلادهم، بعيداً عن تدخلات خارجية مغرضة، مثل التي تحدث في العراق، الآن في بلاد الرافدين من يدافع عن هوية البلاد وتاريخها ومخزونها الحضاري، والحال نفسه لدى السوريين واليمنيين الحريصين على عروبتهم.
القمة التي انعقدت في ماليزيا، حتى وإن كان ظاهرها يتحدث عن نوايا طيبة، لكنها في الحقيقة استدعت أطرافاً هي في الأساس مسؤولة عن دمار بعض بلدان المنطقة العربية، وليس من المنطقي أبداً نتصالح مع هذه الأطراف، أو أن نصدق أنهم لا ذنب لهم في مشهد يكتظ بجثامين الأبرياء، التي تزداد كل يوم في بلاد الرافدين، وغيرها من بلدان تعاني تدخلات سافرة مؤججة للتوتر.
وليس من العذر أيضاً، أن تدعي حركة «حماس» حسن النوايا، وتذهب نحو عناق أطراف لا يختلف نهجها عما تفعله إسرائيل.
فالقضية الفلسطينية ليست حكراً على «حماس» أو «فتح»، إنها قضية كل حر التزم معنى الشرف في كل حياته.
هذه الانشقاقات لا تخدم قضايا الأمة، ولا تعكس إلا ضعفاً وهشاشة في بنيان الاتفاق على حقيقة أن الأمة تعيش وضعاً معقداً، يحتاج إلى توحيد الصف بدلاً من شقه وتشرذم طاقاته.
فالشرق المصاب اليوم في أمس الحاجة إلى توحيد صفوفه، وتحديد الأعداء، ورفع حالة الجهوزية لكل طارئ أياً كان.