تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة اعتماد خطط وبرامج تهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني بشكل عام، واقتصاد إمارة أبوظبي على وجه الخصوص، بما ينسجم مع رؤيتها التنموية القائمة على التنويع والمرونة، وترسيخ استخدامات التكنولوجيا الحديثة، وتحقيق اقتصاد معرفي يقوم على الإبداع والابتكار، وذلك من خلال الاستمرار في اعتماد مبادرات، واتخاذ إجراءات تسعى إلى دفع عجلة النمو، وتحافظ على استقرار الاقتصاد، وتحمي المكتسبات الاقتصادية للدولة وأفرادها ومؤسساتها، وخاصة الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
ولأن القيادة الرشيدة تدرك، في هذه المرحلة، ما سيخلّفه انتشار «كورونا» على اقتصادات دول العالم كافة، ولأنها تعلم جلياً ضرورة حماية القطاعات الحيوية الوطنية لإبقائها شامخة في وجه التحديات، فقد أعلن المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، يوم الاثنين الماضي، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، حفظه الله، وبمتابعة سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، حزمة حوافز اقتصادية، هدفها تسريع وتيرة إنجاز أهم المبادرات الاقتصادية ضمن «برنامج غداً 21»، ودعم الأنشطة الاقتصادية، وخفض تكاليف المعيشة، وتسهيل ممارسة الأعمال، وتحفيز الاستثمار، للحفاظ على التنمية المنشودة، وزيادة قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز التقلبات.
ويلحظ المتتبّع لهذه المبادرات مدى اهتمام القيادة الرشيدة بحماية مصالح الأفراد والشركات معاً، حيث تلخصت المبادرات في تخصيص 5 مليارات درهم لدعم الكهرباء والمياه للمواطنين والقطاعات التجارية والصناعية، و3 مليارات درهم لبرنامج «الضمانات الائتمانية»، لتحفيز تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة، ومليار درهم لتأسيس «صندوق صانع السوق»، بهدف توفير السيولة، وإيجاد توازن مستمر في سوق أبوظبي للأوراق المالية. كما اشتملت المبادرات على إعفاء جميع الأنشطة التجارية والصناعية من رسوم خدمة «توثيق»، وإلغاء رسوم التسجيل العقاري للأفراد والمؤسسات لعام 2020، وتوقيف العمل بكفالات العطاءات، وإعفاء الشركات الناشئة من كفالة حسن التنفيذ للمشروعات التي تصل قيمتها إلى 50 مليون درهم، وإلغاء رسوم تسجيل المركبات التجارية، ورسوم التعرفة المرورية لبوابات أبوظبي لجميع المركبات، وإلغاء جميع الرسوم السياحية والبلدية لقطاعي السياحة والترفيه للعام الحالي، وإسقاط جميع المخالفات التجارية والصناعية الحالية، وغير ذلك.
إن اعتماد المبادرات، التي تحفز القطاعات الاقتصادية وتقدّم تسهيلات، سيمكّن الأفراد والشركات من تحمُّل تبعات ما يجري إثر تفشي «كورونا» عالمياً، وهو ما ينبئ بمدى حرص دولة الإمارات على خفض تكاليف المعيشة وممارسة الأعمال، وتحفيز تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة، وتعزيز قدرتها على اجتياز الظروف الراهنة للسوق، وتسريع وتيرة تنفيذ المبادرات التي تم اعتمادها من قبل، وإطلاق أخرى جديدة صُمّمت لتعالج التحديات، وفق منظومة شاملة، تقوم على مضاعفة الجهود، ومواصلة وتيرة العمل، وإبقاء التواصل والتنسيق والتعاون بين المؤسسات بشكل دائم وقابل للتطوير، ما يحوّل التحديات إلى فرص، ويحفظ المكتسبات، ويحفز حيوية الاقتصاد.
وقد أثبتت التجارب والخبرات أن دولة الإمارات قادرة على توفير الدعم وإعطاء أولوية كبرى للقطاعات الاقتصادية التي باتت، في السنوات الأخيرة، صاحبة إسهامات مهمة في ناتج الدولة المحلي الإجمالي، وأنها صاحبة رؤية عميقة واستشرافية مكَّنتها، وستمكّنها، من تجاوز أي تحديات قد تطرأ بسبب التغيرات الجارية عالمياً على الصُّعُد كافة، ومن هنا فإن حزمة المبادرات، التي جاءت لحماية الأعمال والاستثمارات، تبثّ الطمأنينة، وتدعم النمو، وتحافظ على روافد الاقتصاد المتنوع الذي تعمل الدولة على تنميته منذ أن وضعت لنفسها رؤية تقوم على ترسيخ مكانتها العالمية وبقائها وجهة جاذبة للعيش والعمل والاستثمار، حتى تتحول إلى أفضل دولة في العالم بحلول مئويتها في عام 2071.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.