في عام 1976 خرج فيروس قاتل من غابة الكونجو. ومثلما ظهر الفيروس بسرعة، اختفى كذلك بسرعة ولم يترك وراءه أي أثر. غير أنه خلال العقود الأربعة التي أعقبت ذلك، كان إيبولا يظهر من حين لآخر، وكان يخلّف ضحايا كثيرين، إذ يقتل ما يصل إلى تسعين في المئة من المصابين به. اليوم وبعد مرور 38 عاماً، تفشى هذا المرض القاتل على نحو مرعب في ثلاثة من بلدان غرب أفريقيا، هي ليبيريا وغينيا وسيراليون، مخلفاً آلاف القتلى ومتسبباً في موجة هلع لم تقتصر على المنطقة وإنما امتدت لتشمل كثيراً من بلدان العالم، وخاصة بعد تسجيل حالات تؤكد انتقاله إلى أوروبا (إسبانيا) والولايات المتحدة الأميركية (تكساس). وفي كتاب «إيبولا.. التاريخ الطبيعي والبشري لفيروس قاتل»، يضع الكاتب والصحفي الأميركي ديفيد كوامان هذا التفشي غير المسبوق للمرض في سياقه التاريخي، ويعود بنا إلى أولى حالات الإصابة بالفيروس عام 1976، راصداً الجهود المبذولة منذ ذلك الوقت لفهمه. وكما فعل في كتب سابقة حول التاريخ الطبيعي، فإن كوامان يزاوج بين الكتابة الصحفية الميدانية من جهة والبحث والحوار من جهة ثانية من أجل شرح وتبسيط الموضوع للقارئ. فمنذ ظهور هذا المرض، بذل العلماء جهوداً كبيرة لفك لغز المكان الذي يكمن فيه الفيروس، أي «الحيوان المضيف» أو «الخزان»، حيث يمكن أن يظل الفيروس حياً. أما المشتبه فيه الرئيسي، حسب كوامان، فهو نوع معين من خفافيش الفاكهة التي تعيش في أجزاء من غرب ووسط أفريقيا؛ حيث يجادل المؤلف بأن تنوع الخفافيش (واحد من كل أربعة فصائل من الثديات هو من الخفافيش)، و«قِدمها» (فقد تطورت إلى شكلها الحالي تقريباً قبل نحو 50 مليون سنة)، وكثرتها وعيشها في مجموعات كبيرة متماسكة.. ربما يكون قد ساهم في قدرتها على استضافة مجموعة واسعة من الفيروسات، مثلما يمكن أن تكون عاداتها فيما يتعلق بالهجرة قد زادت من «احتمال أن تدخل (أي الفيروسات التي تحملها) في اتصال مع البشر». لكن لماذا تبدو الأمراض الحيوانية التي تنتقل إلى البشر، مثل إيبولا وسارس والإيدز وحمى النيل الصفراء وإنفلونزا الخنازير وإنفلوانزا الطيور.. شائعة بشكل متزايد؟ المؤلف يرى أنه عندما يقوم البشر بـ«التعدي على المجموعات الحيوانية التي تحتضن فيروساً ما؛ حيث تقوم باصطيادها من أجل لحومها، وطردها من أنظمتها البيئية، وتدمير تلك الأنظمة البيئية»، فإن «أعمالنا تلك تزيد من مستوى الخطر»؛ حيث يزيد ذلك من فرص انتقال الفيروس من «المضيف الطبيعي» إلى «مضيف جديد». والواقع أنه في بعض الحالات، لا يتسبب الميكروب في أذى للمضيف الجديد؛ غير أنه في حالات أخرى (مثل «إتش آي في»)، لا يحصل الميكروب على موطئ قدم في المضيف الجديد فحسب، لكنه يتأقلم أيضاً ويتطور ويتسبب في مرض خطير. ورغم ما نعرفه عن مرض فيروس إيبولا، إلا أن كوامان يرى أن ذلك يشبه قطرة في محيط أو «وميضاً صغيراً وخافتاً من الضوء على خلفية معتمة»، كما يقول. محمد وقيف الكتاب:إيبولا.. التاريخ الطبيعي والبشري لفيروس قاتل المؤلف:ديفيد كوامان الناشر: دبليو. دبليو. نورتون آند كومبني تاريخ النشر:2014