تعد «يوروفايتر تايفون» من المقاتلات النفاثة الرائدة في ألمانيا، وذكرت مجلة «دير شبيجل» أن أربع طائرات فقط من بين 128 طائرة تايفون تابعة لشركة لوفتهانزا جاهزة للقتال. وعلاوة على ذلك، فإن أي من الغواصات الست في البحرية الألمانية في وضع يسمح لها بالإبحار، وأن 95 دبابة قتالية من بين 244 هي فقط التي تعمل. عند هذه النقطة، تستطيع لوكسمبورج أن تهزم ألمانيا! هل ينبغي على أي شخص أن يأبه جدياً بأن ألمانيا، التي تعد رابع أكبر اقتصاد في العالم، ستكون غير قادرة على الدفاع عن نفسها حال نشوب حرب، ناهيك عن الوفاء بالتزاماتها تجاه معاهدة «الناتو»؟ الضعف العسكري المستمر والمتعمد لألمانيا يعد تذكيراً بمدى عدم جاهزية معظم بلدان العالم للتفكك المستمر للنظام العالمي، الذي يتميز باتجاهين بارزين: ديكتاتوريات جريئة وديمقراطيات تنأى بنفسها عن المخاطر. بالنسبة للاتجاه الأول، يواصل بشار الأسد التقدم ضد خصومه في سوريا، على الرغم من الضربات الصاروخية غير الفعالة التي شنتها الولايات المتحدة الشهر الماضي. ويقال: "إن الكرملين يعتزم تزويد الأسد بأنظمة متقدمة مضادة للطائرات للدفاع ضد الهجمات الإسرائيلية. وتستعد إسرائيل للحرب مع إيران ووكلائها المسلحين في لبنان، حتى في الوقت الذي تتعرض فيه للهجوم بشراسة في وسائل الإعلام بسبب الدفاع عن سياجها الحدودي مع غزة". وفي مكان آخر، تقبع روسيا غير متضررة على فتوحاتها في أوكرانيا. وتواصل بكين عسكرة الجزر الاصطناعية في بحر الصين الجنوبي، عن طريق نشر صواريخ أرض –جو وصواريخ مضادة للسفن. ومدت تركيا دباباتها في سوريا ضد القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة – وهي القوات التي قامت بالجزء الأكبر من قتالنا ضد تنظيم داعش – مقابل احتجاج أميركي بسيط. وضد هذا يقف رئيس أميركي بمواقفه في السياسية الخارجية التي تنطوي على التهديد ثم التراجع. وفي الشهر الماضي أو نحو ذلك، قال ترامب: "إنه يريد سحب القوات الأميركية من سوريا، والتي تعد الرادع الرئيس ضد الأتراك، على الرغم من أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يبدو أنه أقنعه بعدم سحب القوات بعد". ومن ناحية أخرى، فإن المفاوضين التجاريين في الإدارة الأميركية يضغطون من أجل إعادة التفاوض بشأن اتفاقية «نافتا» التي تبدو أنها مصممة لكي تدعو إلى رفضها من قبل المشرعين في المكسيك أو كندا، وربما الكونجرس الأميركي، أيضاً. وإذا رفضوا، من الممكن أن يعلن ترامب أن الاتفاقية التجارية حبراً على ورق، سواء كان هذا قانونياً أم لا. وهناك أيضاً كوريا الجنوبية. في يوم الخميس، ذكر «مارك لاندلر» من صحيفة «ذا تايم» الأخبار المذهلة، وإن كانت ليست مفاجئة تماما، حيث أمر ترامب البنتاجون بإعداد خيارات لسحب على الأقل بعض الجنود من القوات الأميركية التي يبلغ قوامها 28,500 جندي من شبه الجزيرة الكورية. فلماذا الآن، جزء من الإجابة هو أن ترامب يحاول إجبار سيول لدفع جزء أكبر من تكاليف الوجود العسكري الأميركي. غير أن سيول تدفع بالفعل نصف التكاليف الأميركية، وتنشر واحداً من أكبر الجيوش في العالم. وعلى العكس من ألمانيا، فإنها ليست متكاسلة. والإجابة الأكثر ترجيحاً هي أن ترامب يرى الانسحاب الأميركي كإنجاز في حد ذاته، ويأمل أن تكون معاهدة سلام مع كوريا الشمالية هي تذكرته. هذا هو نوع الخطأ الدبلوماسي الكلاسيكي الذي، إذا ارتكبه رئيس "ديمقراطي"، سيؤدي إلى إدانات مدوية من أشخاص أمثال جون بولتون ومايك بومبيو. إليكم إدارة تضغط على حليف وثيق بينما تبعث بشروطها التفاوضية إلى عدو مميت. توقعوا أن تطالب بيونج ياتج بانسحاب أميركي كبير كثمن لوعودها فيما يتعلق بالسلام ونزع السلاح النووي. أما بكين، التي طالما كانت تهدف إلى إخراج الولايات المتحدة من شرق آسيا، فستكون سعيدة للغاية. ودعونا نختتم ببعض الأسئلة التي يطرحها مؤيدو الرئيس اليمينيون. هل ترامب لديه أي أهداف أكبر في كوريا بخلاف إيجاد ذريعة للخروج العسكري والحصول على لحظة مجد على طول الطريق؟ هل لديه استراتيجية مفصلة تجاه إيران بخلاف التخلي عن الاتفاق النووي والأمل في شروط أفضل؟ هل خطة سوريا هي السماح للأسد – وداعميه الإيرانيين والروس –بالفوز؟