الحديث عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لا تكتمل أركانه دون التعرض لمن شهد له القاصي والداني بالعبقرية والتفرد والتميز في بناء دولة تُضاهي أرقى وأحدث الدول في البنية التحتية والمرافق والخدمات العمومية، مع الحفاظ على البيئة فيها بل تطويرها والارتقاء بها إلى أقصى الحدود. وقد أثبت، رحمه الله، بالأفعال قبل الأقوال، صحة ودقة مقولته الشهيرة: «بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، لا يعتبر موضوع حماية البيئة مجرد شعار، أو كلمات مجردة من أي مضمون، بل هو في الواقع جزء لا يتجزأ من تاريخنا وتراثنا ونمط حياتنا. لقد كنا ولا نزال ملتزمين بمبدأ التعايش بين الإنسان والطبيعة‏»?. واهتمام الشيخ زايد بالبيئة يعود إلى حقبة ما قبل تأسيس الدولة، وذلك أثناء فترة حكمه للمنطقة الشرقية منذ عام 1946، حيث حرص خلال تلك الفترة على تنمية القدرات الزراعية عبر التركيز على عدة وسائل كان لها أبلغ الأثر في حياة المواطن والتنمية الزراعية. وتضمنت تلك الوسائل استصلاح الأراضي الزراعية الجديدة، وبناء الأفلاج، وإنشاء القنوات، إضافة إلى توفير المياه من دون مقابل. ثم استمر –رحمه الله– على نفس النهج عندما تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966، وما تلا ذلك من تأسيس لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادته الحكيمة لها منذ قيامها على يديه عام 1971 وحتى وفاته رحمه الله تعالى في عام 2004، حيث وجه كثيراً من اهتمامه إلى القضايا البيئية، وكانت المحصلةُ الكبرى معجزةَ زراعة الصحراء من خلال التعامل العلمي معها والتغلب على طبيعتها القاسية الجافة، وعلى درجات الحرارة العالية فيها، لتتحول إلى أرض خضراء. كما كان للشيخ زايد إنجازاته الاستراتيجية في مجالات الاهتمام بالمياه الجوفية وإنشاء السدود والاهتمام بأنواع الزراعة المقاومة للملوحة، مما كان له أبلغ الأثر في ترسيخ الوعي بين إمارات الدولة بضرورة‏? ?معالجة ?قسوة ?الصحراء، ?وحتمية انتشار ?اللون ?الأخضر ?في ?مساحات ?واسعة ?من ?الأرض ?الصحراوية، على هيئة ?غابات ?ونباتات ?وحدائق ?وغيرها. كما ?قام الشيخ ?زايد ?بتوفير ?كافة ?الأنظمة ?والتشريعات ?والبرامج ?والمشروعات ?التي ?وضعت ?الدولةَ ?في ?مصاف ?دول ?المنطقة ?في ?مجال ?الاهتمام ?بالبيئة. وقد استمرت قيادة الدولة الرشيدة على نفس نهج الوالد القائد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تأسيس ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لمؤسسة زايد الدولية للبيئة والتي تمنح العديد من الجوائز الدولية في مجال المحافظة على البيئة، ومن أبرزها جائزة زايد الدولية للبيئة وجائزة الإمارات التقديرية. وتعتبر تلك المؤسسة واحدة من أهم مساهمات دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حماية البيئة، حيث استطاعت خلال سنوات قليلة أن تترك بصماتها على مسيرة المحافظة على البيئة، مما جعلها تتبوأ مكانة مرموقة على الساحة البيئية الدولية. وتُعد جوائز المؤسسة حافزاً لتشجيع المبادرات العالمية للمحافظة على البيئة ودعم المسيرة الخضراء للدولة وبقية دول العالم. وفي المحصلة، تترجم كافة تلك الجهود رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي مفادها أن الاهتمام بحماية البيئة مسؤوليتُنا جميعاً وليس الحكومة ومؤسساتها فقط، مما يضع على عاتقنا ككل مهمةَ الحفاظ على مكتسبات البيئة، استمراراً لنهج الشيخ زايد وتحقيقاً لمقولته الخالدة: «?إن حماية ?البيئة ?يجب ?ألا ?تكون ?وألا ?ينظر ?إليها ?كقضية ?خاصة ?بالحكومة ?والسلطات ?الرسمية ?فقط، ?بل ?هي ?مسألة ?تهمنا ?جميعاً.. ?إنها ?مسؤولية ?الجميع ?ومسؤولية ?كل ?فرد ?في ?مجتمعنا، ?مواطنين ?ومقيمين»?.