بعد أيام قليلة من مقاطعة النظام الحاكم في الدوحة، صدرت بيانات من جهات رسمية في دول المقاطعة تحذّر من التعاطف مع الحكومة القطرية في الأزمة التي خلقتها لنفسها نتيجة سياساتها العدائية، فما كان من الإعلام القطري وإعلام الظلّ القطري إلا التقاط مفردة «تعاطف» الواردة في تلك البيانات، ووصف الأمر بأنه قانون يمنع التعاطف مع قطر، سُنّ خصيصاً بمناسبة هذه الأزمة! وفضلاً عن كذب هذا الادعاء، إذ القوانين لا تُسن هكذا بشكل فجائي، فقد صُوّرت البيانات كأنها تحذير من التعاطف مع الإخوة القطريين، أي المواطنين العاديين الذين لا يد لهم في سياسات النظام الذي يحكمهم، حتى صارت تلك البيانات من مفردات مشروع مظلومية «الحمدين»، والذي وجد صداه لدى بعض المغفلين في المنطقة، ولدى بعض الذين لا يعرفون شيئاً عنها. ورغم مرور سنة على قرار المقاطعة الذي وضع حداً لذلك المشروع التخريبي، فإن تنظيم «الحمدين» وأعوانه ما زالوا متمسّكين بالتفسير المغلوط لبيانات التحذير من الوقوف معهم، وأعتقد أنه من المهم توضيح ما جرى لئلا تصبح تلك الكذبة حقيقة بمرور الوقت وبالاستمرار في إطلاقها. وبالعودة إلى تلك البيانات نجدها واضحة في التحذير من إبداء التعاطف أو الميل أو المحاباة تجاه السلطة القطرية القائمة، أو مسايرة سياساتها أو تبريرها، أو الاعتراض على الإجراءات المتخذة ضدها، باعتبار أن ذلك مجرَّمٌ في القوانين النافذة، ولما يترتب عليه من إضرار بالمصالح العليا لدول المقاطعة، والوحدة الوطنية فيها. والتجريم هنا لا علاقة له بالأزمة القطرية، لكنه يتناول الأقوال والأفعال التي قد تصدر انحيازاً لتنظيم «الحمدين»، أي أنه لم يصدر أي قانون خاص بالأزمة، وكل ما هنالك أنه توجد قوانين في الدول العربية كافة، ومن بينها دولة قطر نفسها، تجرّم الأقوال والأفعال التي من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي أو المصالح العليا. وراعت السلطات المختصة في دول المقاطعة بأن الأزمة وقعت من طرف دولة جارة وشقيقة تحكمها الآن سلطة متآمرة على شعوب المنطقة، وأن الردّ على عدوان هذه السلطة يحدث للمرة الأولى بهذا المستوى، وأن ثمة أشخاصاً قد لا يسعفهم وعيهم وإدراكهم للانتباه إلى حجم المشكلة، فيصدر منهم ما هو مخالف للقوانين المعمول بها، هذا فضلاً عن وجود أشخاص في هذه الدولة أو تلك لديهم ميول نحو الجماعات المتشددة التي ترعاها وتنافح عنها السلطات القطرية، فكان من البدهي التنبيه على هؤلاء أيضاً بأنه قد ولّى زمن الزيارات المتكررة للدوحة، وتسلّم الحقائب السوداء من بنك الدم القطري، والوقوف إلى جانب «شركة الحمدين لنشر الإرهاب والخراب»، وأن القانون بات لهم بالمرصاد. والأمر الآخر أنه تصعب مخاطبة عامة الناس بلغة قانونية صرفة، وإدراج مواد قانونية في بيانات تخاطب الكافة، فكان من الأنسب اختيار كلمات مفهومة لدى الجميع، كالميل والتعاطف، خصوصاً أن النظام القطري يحترف استغلال المشاعر والظهور في مظهر الحمل الوديع، ما من شأنه التشويش على موقف الدول المقاطعة منه، وعلى الأسباب التي ألجأت تلك الدول على مقاطعته.