بالنسبة لألمانيا.. كل شيء قد انكشف في روسيا. فقد كان المنتخب الألماني بطيئاً، وثقيلاً وبلا خطط، وبدا مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في قيادتها. ويصف بعض الناس في برلين ذلك بـ«الصيف المخيف». لكن «المناشافت»، الذي يحظى باحترام كبير في منافسات كأس العالم والبطولات الدولية بسبب روحه التي لا تقهر، بدا خائفاً، وخرج بطل العالم لعام 2014 من المرحلة الأولى خاسراً صفر مقابل هدفين لكوريا الجنوبية. وهي المرة الأولى منذ 80 عاماً التي يسقط فيها المنتخب الألماني في دور المجموعات. وعنونت صحيفة «بيلد» الألمانية واسعة الانتشار: «أكبر فضيحة لألمانيا في تاريخ كأس العالم»، ويبدو من الصعب أن نجادل في هذا الحكم. وبدا المدرب «يواخيم لوف»، ذو القميص الداكن الذي وقع عقداً مدته 4 أعوام في مايو، على شفا الإصابة بانهيار عصبي. فقد فجر «لوف» الفريق، بتركه لاعب الجناح الأيمن في فريق مانشستر سيتي «ليروي سان» خارج الفريق في اللحظة الأخيرة، والدفع بفريق متقدم في السن، وتغيير اختياراته في المباريات الثلاثة بطريقة غير متسقة، واختيار الحارس «مانويل نوير»، بطل 2014، كحارس مرمى رغم كثرة الإصابات التي تعرض لها خلال الموسم. أما «مسعود أوزيل»، لاعب الوسط متقلب المزاج، فلم يكن وحده صاحب الأداء السيئ، إذ كان الفريق الألماني بأسره منهكاً. وقبل أربعة أعوام في البرازيل، كان لاعبو الفريق الألماني «أسياد العالم»، وكانت الهزيمة التي أنزلوها بمنتخب البرازيل في نصف النهائي شديدة الإيلام، وحقق الفريق الفوز الأول لألمانيا موحدة بكأس العالم لكرة القدم (وكانت ألمانيا الغربية فازت به ثلاث مرات). وكان ذلك انتصاراً لدولة مزدهرة تغلبت على تلك الآلام التي عانت منها في القرن العشرين. وشكلت كرة القدم جزءاً كبيراً من القصة الوطنية الألمانية خلال العقدين الماضيين، إذ اتضحت مظاهر الوطنية الألمانية في أبرز صورها من التلويح بالأعلام إلى الإعراب عن مشاعر الفخر الوطني، في كأس العالم 2006، وأصبح ذلك مقبولاً للمرة الأولى منذ عام 1945. وانتشرت في أرجاء ألمانيا روح أسطورية، ورغم هزيمة المنتخب الألماني أمام إيطاليا في مباراة نصف النهائي، فإنها كانت واحدة من أفضل المباريات. لذلك كانت النهاية هزيمة بطعم الفخر. وبدا ذلك أمراً استثنائياً، فعندما كنت أعيش في برلين بين عامي 1998 و2001، كان هناك نقاش محتدم بشأن ما إذا كان يمكن لأي ألماني أن يعرب عن «فخره» بأمة معسكرات الإبادة. لكن بحلول 2006، بات ذلك النقاش طي النسيان. لكن لا تبدو المرحلة الراهنة جيدة بالنسبة لألمانيا، فائتلاف ميركل يترنح في خضم نزاع بشأن سياسات الهجرة. وفضيحة انبعاثات العادم تعصف بشركة «فولكس فاجن». والاتحاد الأوروبي، الذي يشكل طريق ألمانيا نحو التحرر بعد الحرب، في حالة أزمة. وقالت ميركل بعد هزيمة المنتخب: «نشعر جميعاً بالمرارة الشديدة في هذا المساء». وهي محقة بالطبع! ومنذ البداية، كانت الأمور سيئة، فقد بدا الفريق ضعيفاً ومتوقعاً في المباريات الودية التي سبقت المونديال. وأصرّ «لوف» على أن كل شيء سيكون جيداً بمجرد بدء المنافسة، لكن الحقيقة أن مستوى الفريق كان متدهوراً. وهناك شيء واحد مؤكد: فكل الفرق في المنافسة ستشعر براحة لرؤية المنتخب الألماني يعود إلى وطنه خالي الوفاض، وبالنسبة للمنتخب الألماني، ستظل الهزيمة في موسكو مؤلمة ومستمرة، غير أنه سينهض من جديد! روجر كوهين محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»