جعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري عظيماً مرة أخرى لسببين أحدهما سيء كما توقعناه، والآخر جيد لم نتوقعه، أو بالأحرى لم يكن ما يأمل فيه «الجمهوريون». وقد كان معدل نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 4.1 في المئة في الربع الثاني، التي تصدّرت عناوين الصحف يوم الجمعة الماضي، خادعاً، لكن لم يكن ذلك بقدر التوقعات، فمن ناحية عكس الرقم انحرافاً لأن الناس في الخارج كانوا يتسابقون على شراء البضائع الأميركية، وخصوصاً فول الصويا، قبل أن تجعل الرسوم الجمركية الانتقامية التي تعتزم الدول الأخرى فرضها، هذه البضائع أغلى ثمناً. لذا، جعل تهديد اندلاع حرب تجارية الاقتصاد ينمو بوتيرة أسرع اليوم على حساب الغد. ومن ثم، إذا استبعدنا أرقام التصدير، المضللة في هذه الحالة، فإن معدل النمو كان سيستقر عند أعلى من ثلاثة في المئة بقليل في الربع الثاني، وهو معل لا يزال جيداً جداً، لكن ليس بقدر ما تتفاخر الإدارة الحالية. ورغم من ذلك، يبدو أن الاقتصاد الأميركي ينطوي من ناحية أخرى على مواطن قوة كامنة، لكن ليس بالطريقة التي توقعها «الجمهوريون»، فالفكرة الأساسية وراء التخفيضات الضريبية الكبرى التي قدمتها إدارة ترامب للشركات كانت أنها ستجعل تلك الشركات توجه استثمارات ضخمة في المعدات والماكينات، وهو ما من شأنه توفير فرص عمل أكثر إنتاجية، ويفضي في نهاية المطاف إلى زيادة الأجور. لكن ذلك لم يحدث، إذ نمت الاستثمارات الثابتة بنسبة 7.3 في المئة خلال الربع الثاني، وهو معدل أبطأ مما كان متوقعاً في بداية العام. وما حدث بدلاً من ذلك هو أن المستهلكين ظلوا محرك النمو الاقتصادي، فقد أضاف الاستهلاك الشخصي 2.69 في المئة من النمو الاقتصادي الذي بلغ 4.1 في المئة في الربع الثاني، وحدث ذلك، رغم حقيقة البيانات الجديدة التي تشي بأن معدلات الادخار ارتفعت بمعدل ضعفين مسجلة 6.7 في المئة بدلاً من 3.5 في المئة كما كنا نعتقد. ويشي ذلك بأن الأسر الأميركية لابد من أن تكون قادرة على مواصلة الإنفاق لكن الاقتصاد لابد أن يحافظ على نمو جيد بقية العام. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»