الهلال هو مبتدأ الضوء والجمال، وهو موكب الفرح الذي يسير مختالاً في مدن الخيال، ويوم انبثق الهلال من مملكة السعد كان سفراً مستمراً إلى دنا المجد، من لقب إلى لقب حتى غدا لزمنه مرسماً جميلاً لا يخلف العهد.
والوداد كوكب جميل أشرق في مغربه الأصيل، يضيء العتمات ويطرد المدلهمات ويصوغ في ملاعب الإبداع أجمل السيمفونيات، حتى غدا عيداً لكل الأعياد، يسعى دائماً وراء الأمجاد، هو «وداد الأمة» على صدر العرب وأفريقيا نجمة، هو للملايين الهبة والنعمة..
وعندما يلتقي الوداد بالهلال في كأس العالم للأندية بالمغرب، تشعر وكأن صوت التاريخ علا وارتفع، ليذكر بماضي الأحمر والأزرق المشتعل بالتوهج والألق، صوت صولات وأمجاد للمدى اخترق، بحبهما القلب والوجدان احترق.
هكذا قضت قرعة النسخة التاسعة عشرة للمونديال، بأن يصطدم فريقان عربيان عريقان في الدور ربع النهائي، يمثل لهما هذا «المونديال» بوابة تقود إلى عالم الأحلام، فإن سعى الهلال السعودي في موندياله الثالث إلى تكرار ما أنجزه نادي العين الإماراتي بالوصول إلى المباراة النهائية، والانفراد بهذا الإنجاز الكبير بين الأندية السعودية، كان الوداد المغربي مصمماً في موندياله الثاني على معادلة إنجاز الغريم الرجاء، فمن منا ينسى ما فعلته النسور الخضراء، وهي تحلق بشكل رائع في سماء النسخة العاشرة للمونديال التي أقيمت بالمغرب، لتصل إلى النهائي التاريخي الذي خسرته أمام بايرن ميونيخ الألماني بهدفين نظيفين. ورغم أن المباراة تجرى على أرضية المجمع الأميري بالرباط، وسط توقعات بحضور قياسي لجماهير الوداد، إلا أن السجال التكتيكي على أرضية الملعب لن يتأثر كثيراً بالعوامل الخارجية، إذ ستتحكم في المباراة عناصر لها طبيعة فنية وتكتيكية وذهنية.صحيح أن الحضور في عقر الدار وسط جمهور صاخب لحد الرعب، سيعطي للاعبي الوداد أجنحة حديدية للتحليق في سماء مشتعلة، وللتغطية على ما ظهر وبدا أنها نقائص في الأداء الجماعي للوداد الذي تأثر أولاً برحيل مدربه الداهية وليد الركراكي، وأيضاً بالانفصال الغريب عن المدرب الحسين عموتا، إلا أن الهلال السعودي المؤسس ضمنياً على عناصر خبرة تعتبر من رافعات المنتخب السعودي، والمحتمي أيضاً بالمهارات الفنية العالية التي يتمتع بها لاعبوه الأجانب، جانج هيون سو، أندريه كارليو، كوستفاو كويلار، ميشيل ديلجادو، لوتشيانو فييتو، موسى ماريجا، وأوديون إيجالو، يمكنه بمساعدة مدربه الأرجنتيني رامون دياز، أن يحجب عن سمائه كل هذه السحب، ويطل هلالاً على الدور نصف النهائي أمام فلامنجو البرازيلي.
لا أستطيع مهما برعت في التوقع والحدس، أن أرشح أحداً بين الوداد والهلال للدور نصف النهائي، لكنني أحدس مواجهة قمة في الإثارة بين الكبيرين، فمن بعيد أرى غيوماً كثيفة تأتي محملة بالمتعة، لعلها تغدق على المباراة بين الشقيقين نوراً ومطراً.