الكلمة.. كم أنت رائعة عندما تكونين في مجلسك الرائق عندما تتحلين بزينة المعنى وسندس المغزى.
كم أنت جميلة عندما تتمسكين بقواعدك الأصيلة ولا يفلت الزمام عنك وأنت تخوضين معترك الوجود وتأكيد الهوية.
كم أنت نبيلة وأنت تعبرين عن وجدان الناس جميعاً وتحوكين البوح بأصالة النجباء ونجب النبلاء وترتعين في بساتين المعجم الأصيل من دون شاردة بوح ولا واردة تعبير، وهذه أنت اليوم تقفين شامخة راسخة عند جداول القصائد وأنهار القصص، تمنحين التاريخ فسحة زهو، تمنحين الحياة نافذة هواء نقي، لا فيه حنة ولا طنطنة، هكذا أنت أيتها الحسناء في ضمير العشاق، هكذا أنت أيتها المبجلة لك في القلب منازل، ولك في الروح أجنحة، لك في الزمان ذاكرة تمسك بريشة الفنان كي لا تفلت المفردة من فناء المشاعر كي لا تزوغ الأحلام عن معنى المعطى الحضاري الذي جئت منه، وفيه أنت تكمنين وتخبئين في معطفك الحريري سجايا الذين رتبوا المعنى ونظموا سرايا العدل فيك وجعلوا قمراً يحكي قصة المدنفين ساعة ولوج الليل، ولا نور سواك ولا جلال إلا أنت، ولا كمال إلا فيك، وفيك تكتمل الجملة الشاعرية وتسمق أغصان اللغة، وتبدو الحياة ثمرة من ثمرات عطائك، وأنت التي تضعين التفاحة بين الوريقات، وأنت ترسخين الحلم تحت الجفون، أنت تكحلين الرموش بفتحة الفرح وضمة الحزن وما بينهما كسرة الغوص في أعماق المحيط، أنت أيتها السيدة مضمرة القواعد محفوفة بجمال الطلعة البهية لبوح تكتنزه أرواح الذين هاموا وأغرموا بما هي لغة وما هو منطق، فلا أرسطو ولا من بعده ولا من قبله استطاع أن ينقش على الوجدان البشري، ما هو كامل الأوصاف إلا بوجودك بين الثنيات وعند هوامش الصحائف والكتب وبين الصفحات أنت تغزلين قماشة الحلم وتلونين أهداب الشمس، أنت وحدك التي جعلت من هذا الكائن الأصم الأبكم إلى جين يتطور كأنه النحلة في أكمام الورد وبين أحضان البساتين الزاهية.
فكم أنت أصيلة وكم أنا أقف أمام رفرفة حروفك خاشعاً ضارعاً صاغراً وأحن إلى طفولة، كنت أنت التي تزرعين اللغة على الشفاه كبساتين يحلم بعشب الحقول ويصحو صباحاً كي يخضب ساعديه بالعرق احتفاء بك واحتفالاً بصباحك الجديد.
الله هات كأسك المعطر بأبجدية لها صوت وصيت في وجدان من أحبك هات خدك حرفك الأيمن كي ألثمه، ثم هات حرفك الأيسر كي أمنحه يراع الموجة السخية، ثم هات كلك، فأنا مجنون حبك، إن من نسج أولئك الذين أحبوا، ولم حبك ينمو في شراييني كأنه نخلة الصيف تعلق عناقيدها بين الضلوع فأشعر بمزيد من الشوق، مزيد من التوق فاشرعي نوافذك وفردي شراع السفر إلى حيث تكمن معلقة امرئ القيس وسواه من العشاق وكل من تسلسلوا في رقاب المجد الشعري وأصبحوا علامة في ضميرك وسامة على خد وقد.