زارتني صديقة أعرفها منذ 40 عاماً بالتمام والكمال، فقلت لضيفتي سنشرب الشاي الأحمر خالياً من السكر في ممرٍ صممته والدتي - رحمها الله - على نمط الرايح. لم أقصد أننا سننقي العيش من الشوائب كما كانت النسوة تفعل في مثل هذا الموقع الاستراتيجي، ولكنا جلسنا على الطراحة، وخلفنا مسند وأمامنا سرود عليه طوس وطبقات بها المأكولات التي نحييها على الرغم من ما يقوله الناس عنها وعنا. تحت المكبة تقبع الممروسة والشمبريش والكجرة وعصيدة البوبر والفندال والجامي.. وتغيب عن هذه المجموعة اللقيمات التي هي في الحقيقة فقاع، ولكن شيوع تداول مصطلح لقيمات غَيَّبَ المصطلح الصحيح. جلسنا محملين بأوزانٍ لا يستهان بها من تراكمات السنين، قلت لها وقلبي يحترق: «زرت علياء في المعشرة اليوم.. وبدلاً من نثر الورد في عرسها سرت أرش الماء على قبرها وأدعو الله أن يحتسبها شهيدة ويؤنس وحشة وحدتها ويرزقها الجنة»، قالت:«يالعاش، هذا درب وكأس سنشرب منه جميعنا.. اللي يسير عنك يغمضك، والله يسمع دعواتك إن شاء الله»، ثم بوجهٍ جاد سألتني: «شحالك يا أختي العزيزة»، فرددت عليها بأبيات ابن حمديس «ومليحُ الدلّ إنْ عُلَّ بها قلتَ نجمٌ في فمِ البدرِ غربْ! شعشعَ القهوةَ في صوبِ الحيا… وسقانِي فضلةً مما شربْ»، فتناولت فنجان القهوة من يدي وضحكنا ضحك طفلين معاً، وغدونا في الذكريات والمستقبل.
قالت جميلة بحماس: «أصبحت أكثر غراماً بالطبيعة.. هناك تطبيق أودك أن تجربيه.. يعطيك كم يوم من دون بيزات وعقب فترة التجربة قرقشي مخباك»، قلت لها: «بناخذ البلاش وعقب بنقول بالمصري بلاش... منه!»، فردت بسرعة: «كفن بلاش أريد أموت يعني»، قلت لها:«لا، الله يبعد الشر». 
قمنا بتنزيل التطبيق واستمتعنا بالتأملات الإيجابية التي يحتويها. في إحدى المحطات تناول المتحدث مصطلح «joy» الفرح أو البهجة، وسأل أحد المشاركين ماهو الشيء الأقل تقييماً في نظر الآخرين، والأكبر تأثيراً في بهجتك هذا اليوم؟ فرد المشارك: «من أعمق الأمور جمالاً اليوم هو إغلاق باب الثلاجة!»، وبعد تأمل دام نصف ساعة في هذه المقولة قلت في خاطري صدقت إن «ما تبحث عنه.. يبحث عنك!». كان لقاء جميلاً بدأ بالملاطفات ثم النمنم من ما لذا وطاب، وانتهى بحوارٍ عن النفس العزيزة وطبيعتها، ثم ترخصت جميلة فسيرت بها وما أجمل الرمسة عند الباب، وحتى بعد ركوبها السيارة. عندما غربت السيارة قلت في خاطري:«جيل x ما يعلم بجماله إلا من عاش تلك الحياة».  
للعارفين أقول، لقد غيرت عبارة «إغلاق باب الثلاجة!» مفاهيم حياتي كلها.. فنحن جميعنا ننعم ومحاطون بجمالٍ ونعم لا يحسب البعض لها حساباً. أنظر حولي، هناك يغرد طائر، تهز الرياح جذوع الشجر، تمر سحابة، جلستي مع صديقة الـ 40 عاماً ونحن محاطون بأمنٍ وأمان، إنه جمال لا يعرف نهاية. الحمد لله الذي جعلنا نرى النور في بلاد زايد وعياله الكرام، الحمد لله على جمالٍ يطوقنا بما خلقه الله وما تحققه القيادة السامية لنا، إنها نعمة تستحق الحمد والشكر. ولا تنسوا التأمل في عبارة «إغلاق باب الثلاجة!».