ذاكرة البينالي في الساحة الثقافية الإماراتية، وعلى الخصوص بينالي الشارقة الأول، وما تلاه في السنوات اللاحقة من بداية الاهتمام بهذا الفن الجميل، توحي بأن تلك البداية كانت أكثر اشتعالاً وتأثيراً وفائدة، بل إن أعداداً كبيرة من مثقفي المنطقة كانوا أكثر حرصاً على الحضور اليومي في تلك الساحات ومعارض البينالي وكأنها فترة ووقت للاحتفال بهذا الفن الجميل، ليس من الفنانين أنفسهم، وإنما من ناس كثر لأول مرة يسمعون بكلمة بينالي ومعارض فنية. كنا نتعجب من كثافة الحضور والمرور على كل الأعمال الفنية المشاركة وعلى اختلاف مدارس الفن وإبداعات الفنانين التشكيليين من مختلف البلاد المشاركة، مدارس فنية متنوعة، ولكن الحضور معجب بكل شيء وحاضر ومتابع كل المدارس الفنية، ليس لمعرفته بالفنون وأنواعها، ولكن فرحة بهذه المناسبة والمشاركة الفنية التي تصل إلى الإمارات بهذه الصورة الجميلة وما تقدمه من رؤى وإبداعات جديدة على الساحة الثقافية والفنية.
لقد كانت البدايات رائعة، ومشروعاً وجد طريقة ومكانة وحاضنة، هنا في الإمارات، دار الثقافة والفن والإبداع، ومنذ تلك البداية الجميلة الموفقة امتد الطريق وواصلت المسيرة الفنية طريقها، صحيح أنها أخذت في الصعود وتباطؤ المعروض، ولكن ظل الطريق واضحاً على من زرع الفن التشكيلي في هذه الساحة الثقافية والفنية. تغير الحضور وقل المعروض في بعض الدورات، ولكن كان يعوض عن ذلك بدورات جديدة تزخر بالإبداع والفن وتنوع المجالات والمدارس الفنية. في تلك البدايات ظهر العديد من الفنانين المحليين وقدموا أعمالاً جميلة أثرت تلك الفترة بأفكار جديدة ورؤى جديدة إلى جانب آخرين أبدعوا في المدارس الفنية التي يسيرون عليها.
كان لدور جمعية الفنانين التشكيليين مشاركة وحضور قوي في كافة المعارض الفنية والبينالي الذي يأتي مثل أيام الأعياد مليئاً بالفرحة والحب والمشاركة القوية، تلك البدايات كانت المدرسة والمعلم والرائد في عشق الفنون التشكيلية والعناية والاهتمام بها من الدائرة الثقافية بالشارقة التي استمرت في مساندة الجميع للعمل والمشاركة والحضور عبر ندوات ولقاءات فنية مصاحبة لذلك البينالي وتحويل المناسبة الفنية إلى فرصة كبيرة لمشاركة المثقف الفنان المبدع في هذه المناسبة الجميلة، واليوم ونحن نشاهد هذا الاستمرار والتألق والعمل الجاد في جعل البينالي فكرة دائمة يأتي في موعده محفوفاً بالرعاية والاهتمام والدعم المستمر، هكذا هو العمل الثقافي والفني الذي ينشد التأثير وترك الأثر للمستقبل وليس للاحتفاليات فقط، حتى وإن قل عدد الحضور، فلا بأس المهم أن يحضر الفنان والتشكيلي وأن يتعلم الجديد من الفنانين كيفية الاشتغال على أعمالهم وإبداعاتهم.. دائماً للثقافة والفن والإبداع مفكر ومبدع ومعلم يعرف الطريق ومسارات النور وإضاءة العقول.