الشعور بالفرح يحتاج روحاً يملؤها التفاؤل، الجمال والتسامح والسلام، تحتاج قلباً يملؤه الحب، حتى يكون حقيقياً ويشع كالنور ويعدي، يتغلغل في المحيط ويبهج حتى الجماد.
في يوم الخميس الماضي تابعت حفل افتتاح الأولمبياد الخاص في مدينة زايد الرياضية، وفي فقرة عبور الوفود على منصة الحفل التي زادت على الساعة، كان هذا الفرح حاضراً، متجسداً على وجوه الأبطال المشاركين، متجسداً في ابتساماتهم وضحكاتهم، في تلويحهم للجماهير وفي رقصهم.. الفرح الذي يأتي من القلب ويأسر؛ الفرح الذي يعلمك معنى التعب والجهد، معنى المثابرة والإصرار والتحدي؛ الفرح الذي يخلق المعنى الجميل في الحياة؛ الفرح الذي يضيء الروح بنفس عميق، عميق حد التغلغل في كل أوردة الجسد وينعش التفاؤل ويرفع الأمل.
على «الإستيج» كانت الألوان براقة، مبهرة، ووجوه أصحاب الهمم تشع نوراً تهادى على نغمات الموسيقى ومس كل الحضور، فهؤلاء أصحاب الهمم يمتلكون الكثير من القدرة على بث الأمل والتفاؤل، قادرين على كسر كل القيود وأن يضعوك في موقع الدهشة والنظر إلى فشلك أنت بدلا من النظر إلى مشاكلهم. وفي ذلك الكثير من العبر والدروس التي تقدمها هذه الفئة القوية في المجتمعات وهذا ما يعرفه القريبون من أصحاب الهمم من أهل وأقارب، أصدقاء أو شركاء حياة وأبناء، فالطاقة الكبيرة والرهيبة من التحدي والمثابرة تولدها تلك الروح المليئة بالجمال والتسامح والسلام والقلوب المليئة بالحب.
تلك الجواهر التي كانت مهملة في النصف الأول من القرن العشرين، بسبب جهل المجتمعات وبسبب التمادي في عدم النظر إليها كطاقة قادرة على المشاركة والإنتاج والإبداع والتميز بصورة ملهمة وخارقة في شتى مجالات الحياة، ها هي تضرب الكثير من الأمثلة على القدرة وتؤكد على نظرة تلك السيدة الملهمة، السيدة الخارقة «يونيس كيندي شرايفر» التي تجعل عينك تدمع، بل تبكي مع كل جملة في إحدى خطبها التي توجهها لأصحاب الهمم في كل أولمبياد خاص قبل وفاتها عام 2009 بعد إنجاز التحدي الرياضي لأصحاب الهمم والخروج به من فناء البيت إلى كل العالم. لتجعل العالم ينحني تقديراً واحتراماً وإجلالاً لذلك النضال الشريف، القلب الكبير والروح الشجاعة، لذلك الفرح الذي يأسرنا به أصحاب الهمم ويولد فينا الأمل عند لحظة الانكسار، فرحهم الذي يعلمنا معنى الفرح وقوته، يعلمنا جمال الفرح وانعكاساته.
أسبوع بأكمله، سعدت خلاله العاصمة أبوظبي بحضور أبطال الأولمبياد الخاص من كل العالم، أسبوع بأكمله انتشرت طاقة الأمل في عاصمة التسامح التي قدمت لهم مسببات الفرح وقدموا لها فرحهم في أقصى تجلياته.