رغم التحذيرات والحملات التوعوية للجمهور من جانب الجهات المختصة بعد التفشي الوبائي لاتصالات عصابات مكالمات «الجوائز الوهمية» و«وقف البطاقات المصرفية» لا زال الضحايا يتساقطون ممن لا يتوقفون ولا يدققون في الأرقام التي تردهم أو الروابط التي تُرسل لهم، فيتفاعلون معها ويتعرضون لسرقة بياناتهم وحساباتهم المصرفية. ولكن أغرب ما يتم في الأمر طريقة تعامل الكثير من المصارف التي توسعت في «الخدمات الذكية» ولكنها لا تتصرف بذكاء واحترافية في المواقف الطارئة. إذ تجد الرد الهاتفي يحيل المتصل إلى تحويلات بدون رد أو تواصل مباشر مع أحد موظفي خدمة العملاء.
قبل أيام تابعت واقعة لمقيمة عربية تلقت رسالة من رسائل «لقد تم وقف بطاقتك» الاحتيالية، وبدلاً من تجاهلها وحذفها تجاوبت معها وزودت المتصل برقم بطاقتها المصرفية وحسابها من دون تدقيق أو تمحيص، لتفاجأ بعد قليل برسالة نصية من المصرف الذي تتعامل معه عن سحب مبلغ من الحساب بغير معرفتها، وبادرت على الفور بالاتصال بخدمة العملاء فإذا بالرد الآلي يحيلها على «الانتظار» لتسمع «النغمة» التقليدية التي اعتبرتها أغلى نغمة، كلفتها كثيراً، إذ كانت تردها خلال فترة الانتظار رنات رسائل متلاحقة عن عمليات السحب من حسابها ويقوم بها «القرصان» في أثناء فترة «الهولد» أو «الانتظار». ولم تتوقف الرسائل إلا بعد أن «شفط» المحتال ما في الرصيد تاركاً فيه مبلغ درهم وخمسة وتسعين فلساً غير قابلين للسحب!! وهكذا كانت الحلول الذكية غير ذكية في التعامل مع حالة طارئة وعاجلة.
الغريب أن هذا المصرف المحلي الكبير كان قد اخترع قبل سنوات عدة رسماً غير مسبوق في عالم المصارف عندما خصم من كل عميل مبلغ خمسة عشر درهماً لزوم «حماية الحساب» ليجمع بكبسة زر واحدة ملايين عدة من الدراهم.
نعود لنقول إن شرطة أبوظبي وغيرها من دوائر الشرطة ووزارة الداخلية تطلق العديد من المبادرات والحملات لتوعية الجمهور، ولعل أحدثها حملة «خلك حذر» ومع هذا تظهر حالات كالتي تحدثنا عنها، ولن تكون الأخيرة في ظل غياب الوعي والحذر، خاصة مع تطوير النصابين والمحتالين لأساليبهم مستغلين التقنيات الحديثة وتوظيف مهارات الاختراق من جانب «قراصنة العصر الحديث». كما أن البنوك مدعوة لفتح خطوط الاتصال المباشر مع المتعاملين بها بدلاً من الردود الآلية، ونغمات الانتظار لاختبار صبر وأعصاب المتصلين.