الآن فهمت أن للعينين مكراً، وأن للشفتين سحراً، وأن للكلام بلاغة النهر، وأنك عندما تتأملين الوجود، يكون الفجر قد أطل من نافذة الأسئلة، وتكونين في خضم الكلام جملة مزلزلة، وتكونين زهرة برية تغازل فراشة بالحنث مبللة، وتكونين في قميص الوعي قصيدة غير مكتملة، وتكونين في المجمل جزيرة نائية منعزلة، وتكونين في فراغ التاريخ والحضارات، سخرية ومهزلة، وتكونين في الحرام والحلال فتوى الدعاوي المبتذلة، وتكونين خلاصة زمن فيه المعاني خجولة جاهلة.
الآن فهمت أن للغة العيون مجوناً وجنوناً، وأنك ما بينهما رشفة مذللة، وأنك في سبر الأيام قائمة من ثقافات مرتجلة، وإنني إذ أمتطي الجواد أكون قد بلغت القمة الوهمية المتشائلة، وإنني في المفصل والمختصر أخادع فكرة مترهلة، وأسرج خيول العاديات إلى حيث يكمن القاتل والقاتلة، ولا أجد مجالاً للحؤول دون تلك الأخلاق الفاصلة، فأنت قد اخترت ما بين بين، واخترت خيباتك في المعادلة، واخترت التموضع عند فكرة، تظنين أنها الفضيلة، والفكرة الفاضلة، وهذا شأن كل من تظن أنها في عمر الفضائل، القبيلة، المبجلة، وأنها الموجة في بحر الجلجلة، وأنا من شأني أن أغادر منطقة الاحتمالات والنافلة.
الآن فهمت، وفهمت أنك في النهاية شجرة اللوز المهملة، وأنك في بحيرة الأشواق ليس إلا نظرة عابرة، وأنك مرآة حلم لأيام مدبرة، وأنك نخوة صحراوية مقفرة، وأنك فكرة لحظية، وورطة مناورة، وأنك في الهوى، ذرة غبار في مسام الجلد، وأمنية متهورة، وأنك من بقايا أحلام مراهقة متوترة، وأنك تعيشين الحلم مثل حلم ضمير في جملة مستترة، وأنك تمزجين ما بين العذب والأجاج، في رشفة مختصرة، وأنك في كأس المدامة، لثم بعد غفوة نافرة، وأنك في الحياة، غزالة فارقت الحياة بعد غزوة باهرة، وأنك في غابة الاحتمالات مسورة بإجابات مسكرة، وأنك في عرف الحب، ليس ألا لوعة مضمرة، وأنك في نسق العشاق حرقة الأعواد في النار المستعرة، وأنك في دفق الأشواق سيل من وديان معفرة، وأنك في السجايا دعية، ومهاترة، وأنك في الخصال وفي الوصال، لعنة ومكابرة.
وأنا إن شئت أو لا شئت، أصبو إلى عقيدة امرأة خائرة، أنا لا أحب النوايا إذا هي من لون الأجواء المتغيرة.