بعض النجوم تظل لامعة منيرة في الظلام الحالك أو في سناء القمر.. وعندما تشاهد نجوم الثريا، أو نجمة الصبح، وحتى لمعان نجم سهيل، فإنها تذكرك بأن بعض الأضواء تظل في الذاكرة وإن غابت. في السماء ملايين من النجوم الصغيرة أو الكبيرة، ولكنها تأفل مثل برق لاح في الأفق ثم غاب دون ذاكرة أو حتى دون تحديد موقعه، مثل سحب مرت ثم اختفت سريعاً.
وحدها النجوم الساطعة، والمنيرة ودائمة الحضور في قبة السماء أو الذاكرة، تظل مثل طيف حلم يأتي كل حين.. مثل جمرة حب أحرقت فؤاد عاشق، لا تشفيه لحظة نسيان أو تناسٍ.
يأتي على الفرد زمن، ربما ينعم بالغياب الاختياري أو غياب الوهم، ولكن لحظة أو ومضة للذاكرة تعيده إلى زمن بعيد، وربما أحداث غابت، لكنها تحضر في لحظات التذكر أو التجلي. كل الذين غابوا عنا، وأخذتهم غياهب الزمن يعودون عند لحظة الاستدعاء ونبش الذاكرة.
على هذا الساحل، الذي صنع الحياة والإنسان وكل شيء، أحداث اجتماعية وثقافية ومعرفية مرت مثل سنا عابر، ترك لنا شيئاً مما سطره السابقون، وربما كان عملاً شعبياً، شعرياً أو فنياً بسيطاً، لكنه كان ما صنعه واقع الناس في أزمنتهم المرتحلة. وعندما تقلب الأوراق أو الذاكرة القديمة في الشأن المحلي الشعري أو التجارب المختلفة في من يقول ويبدع، فإنك بالتأكيد تحصل على ثروة وغنائم كثيرة، هي على بساطتها وبدائية نسجها ذات قيمة ثقافية أو شعرية أو حتى، على الأقل، محاولة لأن يكون الناظم أو القائل أو الموهوب صاحب الصنعة الشعرية أو الفنية هو إنسان مختلف ومثال جديد وحالم بالاختلاف.
كم من أولئك الذين نعنيهم كانوا قد أبدعوا وسجلوا لهذا الساحل وجوداً مهماً على بساطته، وعلى الخصوصية التي فرضها الزمن الماضي، خاصةً من ناحية بساطة التعليم، بل إن بعض الإبداعات جاءت بالفطرة والسجية والموهبة، ولنأخذ أمثلة قوية في الجانب الشعري؛ هنا في الساحل والإمارات يمكن أن نضرب مثالاً بالماجدي بن ظاهر أو شهاب الدين بن ماجد، وصولاً إلى إبداعات شعراء كثر قدامى في الإمارات، هم بالفعل نجوم لا تأفل.