أحدث جلبة في حديقة المنزل، تحلق حوله الأطفال بفرح شديد، جلسوا أمامه وكأنه فلم كرتون، لم يفارقوه أبداً، أزعجوا يومه وساعاته، لم يحدّ من صراخهم وجلبتهم العالية غير إفهام الكبار لهم بأن يهدأوا قليلاً، أن يشربوا أو يأكلوا وأن يتركوا للمسكين فرصة ليشرب ويأكل هو أيضاً، وأن يستريح من الدوران والجري شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، إنه في انتظار يومه والجميع ينتظر فرحه وعيده. مفارقة كبيرة بين منتظر وآخر، هكذا هي الحياة، منتظر ليفرح ويمرح ومنتظر لزوال كربه وهمه وحظه العاثر، إنها الحياة وسننها التي نقر بها رغم متناقضاتها، نعم نحن مؤمنون بسنن الحياة ونواميسها وأحكامها، ولا نحمل الفكرة أو المعنى أكثر من قراءة هذه المفارقات بشيء من التبصر وحب الحياة على مختلف قوانينها وقواعدها والحياة التي سار عليها البشر منذ الخليقة. نفرح بالعيد والجديد ولا نقف مع فكرة شاردة أو بحث في ما وراء المعنى.
عيد الأضحى أو العيد الكبير كما يسمى في الإمارات من أجمل الأعياد وأسعدها قديماً وحديثاً، عيد هادئ يتسلل إليك في خفة وروعة وجمال، لا تصدق أن موعده قد حان بهذه السرعة بعد أن أمضيت عيد الفطر في انتظار وحساب الأيام.
وحدهم الصغار لا يدركون سبب حضور الخروف إلى المنزل ووجوده فجأة بينهم، الفرحة العظيمة التي تعم هؤلاء الصغار هي مفتاح لزينة العيد وجماله، وسر حب الصغار للحيوانات الأليفة وتعلقهم بها يأتي من باب البراءة، والصغار وهذا الخروف الجميل الأليف هم مفتاح وزهرة جمال العيد، على الرغم من دموية الذبح والتضحية فإن كل مسلم يفعلها وهو مقرّ بأنه لا يمثل العنف أو الدموية ولكن يؤدي إحدى شعائر الله. ويكاد بعض الصغار ألا يقبل التضحية بهذا الرائع الجميل بل يبكون ويصرخون ويزعلون كثيراً عندما تمرر لهم بأن وجوده في حديقة المنزل لن يتعدى غداً أو بعد غد.
الصغيرة موزة أيقظت الجميع وهي تصرخ وتضحك بصورة عالية ومحدثة جلبة وضجيجاً طرد النوم من عينيّ. نهضت وشاهدتها بجوار الخروف بعد أن دقت كل الأبواب لنحضر فرحها واكتشافها لخروف العيد في الحديقة. لم أخبرها بأن موعد رحيله سوف يحدث غداً لأنني لا أحب أن يبكي الصغار في زمن ووقت الفرح.