التاريخ له أبواب عدة، هناك من يدخله من أوسع أبوابه، وهناك من يلج إليه عبر بوابته الخلفية، ولا يحتاج الأمر أكثر من مخالفة واضحة وصريحة، تكبر شيئاً فشيئاً، وتتداولها الألسن فتتحول إلى فضيحة، قد تدخل التاريخ بعد أن تحرز نصراً عظيماً وجلياً، كما قد تدخل التاريخ كأول مسؤول إماراتي يتم إيقافه دولياً، فالمرء حيث يضع نفسه، وكل إنسان يجني عاجلاً أو آجلاً ثمار غرسه.
وإلا ماذا يعني أن يتم إيقاف مسؤول رياضي إماراتي، من قبل لجنة النزاهة في الاتحاد الدولي لألعاب القوى؟ الجواب له شقان، فإما أن يكون بريئاً وتعرض لمؤامرة، وبالتالي فمن الواجب على مؤسساتنا الرياضية العليا، مثل الهيئة العامة للرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية أن تستنفر وتهب لنجدته، أو أن يكون مذنباً وهنا من الواجب أن يتم التحقيق معه ومحاسبته.
هل تذكرون قضية العداءة إلهام بيتي؟ وفضيحة التلاعب بالدم في ألعاب القوى، وقرار محكمة كاس بإيقافها والذي تم التستر عليه، هل تذكرون ما حصل بعد ذلك؟ ويقال إنه تم شطبها من قبل اللجنة الأولمبية، ولم يتم إعلان الخبر رسمياً، لكنه جاء على لسان نائب رئيس اللجنة الأولمبية في حوار صحفي.
هكذا ببساطة يتم الإعلان عن قرارات بهذه الحساسية، والغريب أن من ساعدها وسهل لها تلاعبها وتستر عليها، قبل وبعد إيقافها، فلم يتم الإعلان عنه ولا المساس به، بل ظل يسرح ويمرح، أما الأغرب فإنه بعد شطبها كما أشيع، شاركت العداءة المشطوبة في عدة سباقات ومنافسات أقيمت في الدولة، وعلى عينك يا تاجر.
اليوم، يمر أسبوع منذ انتشر خبر إيقاف أحمد الكمالي، الرئيس السابق لاتحاد الإمارات لألعاب القوى والعضو الحالي في اللجنة المؤقتة، هذا الخبر الذي تداولته وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية على مستوى العالم، ومع ذلك لم نستمع إلى أي تعليق من الجهات المسؤولة، لا من الهيئة العامة للرياضة، ولا اللجنة الأولمبية، ولا الجمعية العمومية للاتحاد، ولا حتى اللجنة المؤقتة لتصريف شؤون ألعاب القوى، «الكل شايف وساكت»، والجميع بلا استثناء على وضعية الصامت!
هذه مكتسبات وطن، لا ينبغي التراخي في حمايتها والدفاع عنها، ومن المهم أن يعرف الشارع الرياضي كل الملابسات المتعلقة بقرار كهذا أصاب سمعة الرياضة الإماراتية بسهم، فهذا ليس إخفاقاً في الصعود والتأهل، وليس خسارة مباراة أو وداع بطولة من الدور الأول، ولا ينبغي أن يمر الأمر بهدوء، ويتم تناسيه مع مرور الزمن، هو اتهام خطير وإيقاف غير مسبوق يمس النزاهة وسمعة الرياضة.