كنا قبل يومين مع واحدة من أقوى دورات المنتدى الاستراتيجي العربي في دبي والذي يحظى بدعم ورعاية فارس المبادرات والطموحات، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وانعقد تحت عنوان «عقد التحولات الكبرى».
المنتدى خرج بحزمة من التوقعات الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية للعقد المقبل من 2020 حتى 2030، أثبتت هاجس المستقبل الذي تنشغل به الإمارات، كونها- كما قال سموه- قد أصبحت منصة للخبرات العالمية لصياغة كل ما فيه الخير لصالح البشرية والإنسانية قاطبة، وهي تحتضن أمل العالم بمستقبل أفضل وأسعد لشعوبه، عالم يشهد تحولات عميقة وكبرى تفرض استباقها بحلول تعتمد على قدرات الحكومات والشعوب في المقام الأول بعيداً عن حسابات القوى الكبرى التقليدية.
لقد عبر وجود الصوت الصيني في المنتدى عن لفتة استشعار من منظميه للقوة المستقبلية الصاعدة، وما يمكن أن تلعبه على المسرح الدولي خلال العقد المقبل في عالم عانى كثيراً قطبية أحادية، تحاول بدورها تقديم صورة مرعبة عن «التنين» القادم بقوة بلمسة حريرية من خلال مبادرة «الحزام والطريق».
رؤى متباينة للسيناريوهات المقبلة لما سيكون عليه عالمنا في العقد المقبل، ولكن ما نحن واثقون منه هذه البوصلة والرؤية الواضحة أمام قيادتنا الرشيدة، وهي تتبنى رؤى واضحة للتعامل مع المستقبل من أجل ضمان ديمومة الاستقرار والنمو والازدهار لأجيال الحاضر والمستقبل.
لقد كان لوضوح تلك الرؤى ثماره الملموسة التي جعلت اليوم من الإمارات بقعة ضوء ساطعة في محيط مدلهم، وفي قلب منطقة تعج بالصراعات والقلاقل، عانت وتعاني هزات واضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية هائلة، ليس ذلك فحسب بل وأصبحت لاعباً مؤثراً على المسرح الدولي، بما تمثله من قوة اقتصادية وسياسية معززة بأخرى ناعمة شادت جسوراً من التعاون الثقافي والفني والحضاري والإنساني.
احتضان الإمارات المنتديات الفكرية والحوارية في أبوظبي ودبي، ليس من باب الترف أو «دردشات» النخب، بقدر ما يحمل في مقدمة ما يحمل فخراً واعتزازاً بالتجربة الإماراتية الملهمة في البناء الوطني التي قدمتها للعالم قيادتنا الرشيدة، وكذلك الحرص على الاستماع لخلاصة الأفكار والتجارب العالمية من أجل الوصول لفهم مشترك حول أبرز التحديات، وبالتالي تطويعها وتجاوزها في سبيل خدمة الإنسان، وصنع مستقبل أجمل للبشرية بعيداً عن لغة الإملاءات والهيمنة والسيطرة.